قال:(الثاني: أن تقام في خطة أبنية أوطان المجمعين) - وهم: عدد تنعقد بهم الجمعة فصاعدا- أي: تشترط إقامتها في بقعة معدودة من بلد، وتلك البلد، وطن للذين يقيمون الجمعة، فلا تكفي إقامتها في الصحراء؛ لأنها لم تقم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده إلا كذلك، ولو جازت في غيرها .. لفعلت ولو مرة، ولو فعلت .. لنقلت.
ولا فرق بين القرية والمصر، وهو في المصر إجماع، وفي القرية دليله ما تقدم من قول ابن عباس:(أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جمعة بجوائى)، وذلك لا يفعل إلا بأمره صلى الله عليه وسلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(لا جمعة إلا في مصر) .. فقال به الشافعي في القديم، لكنه لم يصح رفعه، بل هو موقوف على علي، وقد خالفه عثمان، فلذلك لم يقل به في الجديد.
و (الخطة) بكسر الخاء: محل الأبنية وما بينها، وهذا هو المراد بخطة الأبنية.
وقوله:(في خطة أبنية) أي: من الأبنية، فشمل المساجد والرحاب المسقفة والساحات. وسواء كانت الأبنية من خشب أو حجر أو لبن أو سعف أو جريد؛ لأنها للاستيطان، ولأن معظم قرى الحجاز من سعف وجريد وقصب.
وما ذكره المصنف مثال؛ لأن الأسراب المستوطنة والغيران كالأبنية.
ولو كانت الأبنية متفرقة لا تعد بلدا واحدا .. لم تجز إقامة الجمعة بها، إلا أن يبلغ أهل دار أربعين رجلا بالصفات .. فتلزمهم ويكونون بالنسبة إلى من قرب منهم كبلد الجمعة.
و (المجمعون) بتشديد الميم: مصلو الجمعة الذين تنعقد بهم.