للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما يتغذى الصبي ثم كان يطعم ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟

قالوا: بلى.

قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟

قال: فعرفوا ثم أبوا إلا جحودًا. فأنزل الله تعالى: (الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [آل عمران، الآيتان: ١، ٢] (١) .

[القرآن كلام الله تعالى]

قبل إثارة محنة خلق القرآن قد لا نعثر في المصادر التاريخية على روايات تشرح موقف الصحابة بنفس الطريقة التي تقابلنا بكتب الفرق أثناء مناقشة بعضها البعض، كالمعتزلة والأشاعرة، أو المعتزلة والسلف، ولكن مع هذا، نستطيع لمح آراء متناثرة تفيدنا في التوصل إلى معرفة موقف الصحابة بما ورد على ألسنة أئمتهم كعلي وابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهم -، وأقوالهم حجة.

ومن المعروف تاريخيًا أن أول من قال بأن القرآن مخلوق الجعد بن درهم من سني نيف وعشرين ومائة بعد الهجرة ثم الجهم بن صفوان.

ولكن الثابت عن هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم أنهم قالوا: إن القرآن كلام الله، صحيح لم يرد لفظ غير مخلوق، لأن المشكلة ظهرت بعدهم واستخدم المتكلمون هذه الألفاظ ولكن استقراء النصوص الواردة عنهم تفيد ذلك، فقد اعترض الخوارج - كما هو معروف - عليًا بن أبي طالب لأنه حكم الحكمين وقالوا له: (حكمت رجلين قال: ما حكمت مخلوقًا إنما حكمت القرآن) وفي إجابته أنه ما حكم إلا القرآن نفي لهذا الخلق عنه.

وأيضا قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (من حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين، ومن كفر بحرف منه فقد كفر به أجمع) (٢) .


(١) الواحدي: أسباب النزول ص ٦١/٦٢ ط مؤسسة الحلبي ١٣٨٨ هـ- ١٩٦٨ م.
(٢) ابن تيمية الفتاوى الكبرى، تحقيق حسين محمد مخلوف ج ٥ ص ٥٦.

<<  <   >  >>