للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يبرز أمام مخالفيه الأصول الكبار المتفق عليها فيذكرهم بأن ربنا واحد وكتابنا واحد ونبينا - صلى الله عليه وسلم - واحد، وأصول الدين لا تحتمل التفرق والاختلاف (١) .

وفي إحدى مرات النقاش والجدل قال لمخالفيه:

لا شك أن الناس يتنازعون، يقول هذا: (أنا حنبلي) ، ويقول هذا: (أنا أشعري) ويجري بينهم تفرق وفتن واختلاف على أمور لا يعرفون حقيقتها.

ثم شجب هذا الاختلاف والتفرق آتيًا بما يثبت اعتناق الأشعري بعد رجوعه من الاعتزال عقيدة الإمام أحمد بن حنبل، مؤيدًا ذلك لما أعلنه أبو الحسن الأشعري نفسه في كتابه (الإبانة) وما حكاه عنه ابن عساكر في كتابه (تبيين كذب المفتري فيما ينسب إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري) .

وقال: وأنا قد أحضرت ما يبين اتفاق المذاهب فيما ذكرته، ولم يصنف في أخبار الأشعري المحمودة كتاب مثل هذا، وقد ذكر فيه لفظه الذي ذكره في (الإبانة) (٢) .

[هدم المنطق الأرسططاليسي وإعلاء الميزان القرآني]

لعل من أبرز معالم منهج شيخ الإسلام ابن تيمية هو هدمه للمنطق الأرسططاليسي وتقويضه من أساسه، فقدم بذلك خدمة لا تقدر - لا للعقيدة والفكر الإسلامي فحسب - بل أسهم في انتشال فلسفة أوروبا وحضارتها من عقم المنطق الصوري وعرقلته للعقل البشري، إلى المنهج الحقيقي الوحيد الصحيح للتقدم العلمي والمعارف الصحيحة ألا وهو المنهج التجريبي.

ويرى أستاذنا الدكتور النشار - رحمه الله - أنه ليس هناك في الحقيقة من تكلم - فيما قبل العصور الحديثة - بما تكلم به ابن تيمية.

لقد وصل إلى أوج الدرج في فلسفة المنهج التجريبي، بنقده للمنطق اليوناني القياسي وبدعوته إلى المنطق الإسلامي التجريبي وعبر عن روح الحضارة الإسلامية الحقة.

ويضيف إلى ذلك رأي الشيخ مصطفى عبد الرازق بقوله: (إن الدراسات المنطقية لو سارت منذ عهد ابن تيمية على نهجه في النقد، بدل الشرح والتعمق،


(١) ابن تيمية: شرح العقيدة الأصفهانية ص ٦٣.
(٢) أبو المعالي محمود شكري الألوسي: غاية الأماني في الرد على النبهاني ج ١ ص ٢٨٩.

<<  <   >  >>