للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيام مجتمعه على التفاهم والتعاون والمحبة، بدلا من قيامه على التحايل والأنانية والقانون الذي تنفذه قوة غالبة) (١) .

وبمثل هذا التحليل والتعليل الموجز لحضارة الغرب من حيث مقوماتها وآثارها، نستطيع تلخيص الأفكار والفلسفات الرئيسية التي تشكل ملامح المشكلات الكلامية فى عصرنا الحاضر، والتي استدعت اتخاذ موقف النقد والتمحيص من جانب علماء الإسلام، ودورهم هنا كدور أسلافهم من علماء السنة عندما واجهوا فلسفة اليونان منذ القرن الثاني والثالث الهجريين.

[المشكلات الكلامية الطارئة في العصر الحديث]

لا شك أن هناك جانباً هامًا لا يزال محتفظًا بجدته وحيويته في القضايا المثارة في كتب الكلام لأنه متصل بالعقائد كالإيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والبعث والحساب والعقاب وما إلى ذلك من مسائل أصول الدين، ولهذا فإنه يحتفظ بأهميته ومكانته في العقول والقلوب، وينبغي أن يكون الأمر كذلك حيث يتحرى المسلمون معرفة أصول العقيدة فإذا درسناها وفق منهج صحيح واضح المعالم كما فعل علماء الحديث والسنة، فإنه يتيسر الوصول إلى الحقيقة بين وجهات النظر المتباينة.

ولا شك أيضًا أن مشكلات أخرى طرأت في العصر الحاضر لم تعرفها الأجيال الماضية ولا تدخل في نطاق القضايا الكلامية المثارة آنذاك بنفس المناهج، بالإضافة إلى الانقلابات الحادثة في نظم التعليم والاقتصاد والسياسة، وظهور التخصص في مجالات العلوم والمعارف.

كل هذا أدى إلى تشابك المشكلات وتداخلها.

ولكن إذا أعدنا للأذهان مرة أخرى تعريف ابن خلدون لعلم الكلام - أي إنه يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية - رأينا أن ظهور القضايا الجديدة تشكل في مجموعها لونًا من علم الكلام الحديث أو المعاصر.

صحيح أن العلماء القائمين بدور الدفاع عن العقائد الإيمانية في عصرنا لا


(١) د. حسين مؤنس: الحضارة ص ٥٤. سلسلة عالم المعرفة - المجلس الوطني للفنون والأداب - الكويت محرم - صفر سنة ١٣٩٨ هـ - يناير ١٩٧٨ م.

<<  <   >  >>