للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعزة والعظمة، ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل، بل يسوقون الكلام سوقًا واحدًا.

ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات، والسلف يثبتون، سمي السلف "صفاتية" والمعتزلة "معطلة" (١) .

وبلغت ذروة الخلاف بين الاتجاهين عند محنة خلق القرآن التي عرضنا تفاصيلها في الباب السابق ثم تفجر الموقف بعدها عن اتجاه آخر جديد، سنعرض له فيما يلي:

[محنة خلق القرآن ونتائجها المنهجية]

كانت محنة خلق القرآن بحق - كما يرى أستاذنا الدكتور إبراهيم مدكور - نقطة تحول واضحة في تاريخ الحياة الفكرية والعقائدية في تاريخ المسلمين، ذلك لأنها أثارت في نفوس المسلمين ما أثارت من سخط وغضب، وعززت النزعة السلفية لمواجهة تيار العقليين الغلاة (٢) .

ومنذ ذلك الوقت تميزت المواقف إزاء أصول الدين فكانت الغالبية العظمى من أهل الحديث والسنة في موقف المعارضة للقول بخلق القرآن بخاصة ونفي الصفات الإلهية بعامة الذي تبناه المأمون والخليفتان من بعده وبالنظر لقانون الفعل ورد الفعل، كان أظهر ردود الفعل على يد أحد أئمة المتكلمين المنتسبين للسنة وهو عبد الله بن سعيد بن كلاب (٣) (وفاته بعد ٢٤٠ هـ) ، وأصبح التابعون لآرائه ينسبون إليه باسم (الكلابية) .

وسار على طريقته أبو الحسن الأشعري (٣٢٤ هـ أو ٣٣١ هـ) الذي كان منتسبًا إلى المعتزلة نحو أربعين سنة ثم أعلن خروجه عليهم ونبذ عقائدهم وتبني عقائد الإمام أحمد بن حنبل.


(١) الشهرستاني: الملل والنحل ج ١ ص ٩٥ ط صبيح ١٣٤٧ هـ.
(٢) د. إبراهيم مدكور: فى الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق ج ٢ ص ١١٣.
(٣) كخطاف لفظًا ومعنى كما في (طبقات الشافعية لابن السبكي) .

<<  <   >  >>