للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنطبق عليهم أوصاف أسلافهم، ولكن حصيلة إنتاجهم العلمي يدخل في دائرة القضايا الكلامية حيث قاموا بالدفاع عن الإسلام - كل حسب تخصصه - وقد صدرت لهذا الغرض مئات المؤلفات والأبحاث، وكتبت آلاف المقالات، وانعقدت عشرات المؤتمرات والندوات، وكلها نتيجة جهود مخلصة لعلماء المسلمين في شتى صنوف العلوم والمعارف، واستهدفت الشرح والتفسير والدفاع عن الإسلام عقيدة وشريعة ونظمًا وأخلاقًا وتشكل في مجموعها ملامح عامة، يدور حولها الفكر الإسلامي المعاصر، ونعرضها بإيجاز:

[ملامح الفكر الإسلامي المعاصر]

وما دمنا نتكلم عن الإسلام في العصر الحديث، فإننا نحترس من استخدام المصطلح الشائع الذي تأثرت به العلوم منذ ظهور فكرة دارون في النشوء والارتقاء ونعني به مصطح (التطور) والذي استخدمه الكثيرون حتى في مجال العقائد، ونسترشد هنا برأي الأستاذ الدكتور قاسم رحمه الله في رده على روجيه باستيد الذي ظن أن العقائد في الإسلام قد تطورت كما هي الحال فيما يتعلق بالعقائد المسيحية، وأغلب الظن أن جهله بعقائد الإسلام نفسه كان سببًا في جنوحه إلى هذا الرأي. وإذا بينا أن العقائد الإسلامية لم تتطور لهذا السبب اليسير، وهو أن القرآن دون مباشرة ولأن العقائد تتجه إلى العقل قبل كل شيء فلا يشعر بحاجة إلى تعديلها وتحويرها (١) .

ولا يحتاج الأمر إلى كبير عناء للاستدلال على أن الاتجاه العام للفكر الإسلامي المعاصر، هو اتخاذ الإسلام محوراً ترتكز عليه جهود المخلصين من المفكرين المسلمين للانطلاق نحو إحياء جديد للحضارة الإسلامية التي ازدهرت في عصور الارتقاء بفضله.

إن القرآن خلق العرب خلقًا جديدًا وقد وعد الله تعالى للمتمسكين به بالرفعة في الدارين والله عز وجل (غير مخلف وعده والقرآن لم يتغير وإنما المسلمون هم الذين تغيروا) (٢) .

ولسنا نؤرخ هنا عوامل اضمحلال الحضارة الإسلامية - إلا أننا نستطيع أن نغفل ظاهرة أخرى تشكل ملامح الفكر الإسلامي في عصرنا الحاضر، وهو إظهار فضل مفكري الإسلام على الحضارة الأوروبية المعاصرة، لقد بقي الغرب في تأخره


(١) قاسم: مقدمة كتاب مبادئ الاجتماع الديني لروجيه باستيد ص ٦.
(٢) شكيب أرسلان: لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم ص ١٢، ١٤.

<<  <   >  >>