للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُولهُ ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) (١) حديث ضعيف.

ورواه من الصحابة غير واحد، أخرجه ابن عدي والدارقطني وأبو نعيم.

وكانت جماهير المسلمين الغفيرة تتلقى الأحاديث من علمائه لتعرف دينها وتقيم شعائره، فلما ظهرت علوم الكلام والتصوف والفلسفة واتبعها البعض، ظلت الغالبية العظمى من المسلمين متذرعة بمنهج علماء الحديث، فنبذت غيرها من المناهج لمعرفتها بأنها طارئة دخيلة، وفدت إليهم من طرق غير طرق المحدثين الناقلين لتراث النبوة، فإن عندهم علم خاصة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبطانته.

[منهج علماء الحديث في أصول الدين]

إذا كانت دائرة الحديث قد أكملت في المرحلة الثالثة على أيدي أصحاب الصحاح المعروفين فإن سندهم في الحقيقة يتصل - جيلاً بعد جيل - منذ الصحابة، وهم الطرف الأعلى في نقل الحديث، فإذا عرفنا مكانة الصحابة وعلو قدرهم في الدين، عرفنا مضمون ما نقله علماء الحديث، ودورهم ومكانتهم مما جعل الإمام الشافعي رحمه الله يقول: "أهل الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم) (٢) .

فالصحابة قد ورثوا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - العلم والإيمان. فهم أهل حقائق الإيمان، وأهل الفهم لكتاب الله تعالى والعلم والفهم لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٣) .

ولكن بامتداد العصور والأزمنة واختلاط المسلمين بغيرهم من الأمم والنزاع الحادث بين المتكلمين وغيرهم على أثر ظهور الفرق تأسست مناهج جديدة في سماعه أو كتابته أو روايته بل شمل كل من كان حافظًا له عارفًا به ظاهرًا وباطنًا مع اتباعه وكذلك أهل القرآن (٢) .

وكشأن أي طائفة من الناس ظهرت قلة قليلة ضمن المنتسبين إلى أهل الحديث، غالوا في إثبات صفات الله تعالى وأخذوا يروون أحاديث موضوعة في


(١) قواعد التحديث ص ٤٨.
(٢) القاسمي: قواعد التحديث ص ٤٩.
(٣) المصدر: نقض المنطق ص ٥٥، ٨١، ٧٧.
(٤) القاسمي: قواعد التحديث ص ٤٩.

<<  <   >  >>