ليست بمعنى (خلق) مثل قوله: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا)[النحل، الآية: ٩١] فإذا كان (جعلتم) هنا بمعنى خلقتم الله عليكم كفيلا، ومن قال هذا فقد أعظم الفرية على الله عز وجل وكفر به.
وإزاء هذه الحجة المفحمة لما يترتب على تأويل معنى (جعل) بـ (خلق) من مقالات، اعترف المأمون بصحة ما ذهب إليه عبد العزيز المكي فقال:(ما أقبح هذه المقالة وأعظمها وأشنعها فحسبك يا عبد العزيز فقد صح قولك وأقر بشر بما حكيت عنه وكفر نفسه من حيث لم يدر)(١) .
[إقامة الحجة بالتنزيل]
وعندما ضيق الخناق على بشر المريسي، قال للمأمون:(يا أمير المؤمنين هذا يريد نص القرآن لكل شيء يتكلم به، وهذا مما لا يقدر عليه لأنه ليس كل ما يتكلم به الناس مما يحتاجونه إليه من علم أديانهم يوجد في كتاب الله بنص التنزيل، وإنما يوجد فيه بالتأويل) ، أي أنه عاد يطالب بالتأويل بعد أن أفحمه عبد العزيز المكي بالتنزيل.
وظن أنه بهذه الطريقة سيعجز عبد العزيز عن إثبات صحة ما ذهب إليه، فأخذ يتحدى مطالبًا بآيات تدل على شمولها لكل المخلوقات.
وأخذ يطالب عبد العزيز بالإتيان ببراهينه، فقال:(أوجدني أن هذا الحصير مخلوق بنص القرآن) .
ولكن عبد العزيز لم يعجز عن إثبات ذلك، فطالب بشر المريسي أولاً بالإقرار