للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ) [سبأ، الآية: ٢٣] (١) .

كما أخبر الله تعالى أن أمره هو القرآن وهو كلامه، قال: (حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) [الدخان، الآيات: ١ - ٥] يعني القرآن. وقال: (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) [الطلاق، الآية: ٥] (٢) .

وثبت بذلك أن القرآن أمر الله تعالى وكلامه وأن أمره هو القرآن وهنا قال عبد العزيز المكي: (وهذا تعليم الله لخلقه وتأديبه لهم فقلت كما قال الله: إن القرآن كلام الله، وإنه أمر الله، وإنه الحق، وإن هذه أسماء لشيء واحد وهو الكلام الذي به خلقت الأشياء وهو غير الأشياء وخارج عن الأشياء وليس هو كالأشياء فهذا بنص التنزيل لا بتأويل ولا بتفسير) .

فقال المأمون: (أحسنت يا عبد العزيز) (٣) .

إثبات أن كلام الله تعالى ليس مخلوقًا

وبعد أخذ ورد طويلين ومناقشات حول معاني القرآن وطرق قراءته بالفصل والوصل مما أثبت به عبد العزيز المكي جهل بشر المريسي بأسرار اللغة العربية، عاد المريسي ليقول: إن قول الله تعالى: (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) لا تخرج عنها شيء لأن تلك كلمة تجمع الأشياء كلها فلا تدع شيئًا يخرج عنها وكل ذلك داخل فيها.

وهنا أخذ عبد العزيز يسترسل في ذكر آيات من القرآن الحكيم، مثل قوله تعالى: (وَاصْطَنَعْتُكَ) [طه، الآية: ٤١] (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران، الآية: ٢٨، ٣٠] وقوله عز وجل (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام، الآية: ٥٤] وقال: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ) [المائدة، الآية: ١١٦] ، فأخبرنا الله عز وجل أن له نفسًا، وطلب من بشر المريسي الإقرار بذلك، فأقر.

وأشهد المأمون على هذا الإقرار. وهنا تلا قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)


(١) الحيدة ص ١٩- ٢٠.
(٢) الحيدة ص ١٩- ٢٠.
(٣) عبد العزيز المكي- الحيدة ص ٢٠.

<<  <   >  >>