بأشياء متباينات متفرقات مدعيًا أن الله خلق بها الأشياء.
قال عبد العزيز: إن الله تعالى خلق الأشياء بقوله وكلامه وأمره بالحق فاعترض بشر على قوله لأنه جاء بأشياء متباينات متفرقات مدعيًا أن الله تعالى خلق بها الأشياء.
فأخذ المكي في بيان كلامه وشرحه بأن بين أن هذه أربعة أشياء لشيء واحد، لأن كلام الله هو قوله وقول الله هو كلامه وأمر الله هو كلامه وكلام الله هو أمره وكلام الله هو الحق والحق هو كلام الله فهذه أسماء لكلام الله، وأوضح أن الله تعالى سمى كلامه نورًا وهدى وشفاء ورحمة وقرآنًا وفرقانًا وبرهانًا وسماه الحق، وهذه أشياء شتى لشيء واحد وهو كلام الله كما سمى نفسه بأسماء كثيرة وهو واحد صمد فرد. وإنما ينكر بشر هذا ويستعظمه لقلة معرفته بلغة العرب.
وهنا ظن بشر أن عبد العزيز يستخدم التأويل لا التنزيل ويخالف المنهج الذي أصّله منذ البداية، ولكن عبد العزيز أعاد إلى سمعه الآيات الدالة على ما ذكره، كقول الله تعالى:(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ)[التوبة، الآية: ٦] ، وإنما يسمعه من قارئه وإنما عنى القرآن لا خلاف بين أهل العلم واللغة في ذلك. وقال تعالى:(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ)[الفتح، الآية: ١٥] وقال الله عز وجل: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ) ، وآيات أخرى مثل قوله تعالى:(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ)[السجدة, الآية: ٣] وقال (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ)[المائدة، الآية: ٨٣] .
وهذه الآيات وغيرها يتضح منها أن الله تعالى أخبر عن القرآن أنه الحق كما أخبر أن الحق قوله:(قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ)[ص، الآية: ٨٤] فأخبر أنه الحق والحق قوله وقال: (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)[السجدة، الآية: ١٣] وقال: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ