للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستقر وأنه لا يحل لأحد أن يزيد شيئًا من رأيه بغير استدلال منه، ولا أن ينقص منه شيئًا ولا يبدل شيئًا مكان شيء ولا أن يحدث شريعة، وأن من فعل ذلك كافر، واتفقوا أن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صح أنه كلامه بيقين فواجب اتباعه..) (١) .

وكذلك العبادات، هناك إجماع في أمور رئيسية لخصها ابن تيمية كما يلي:

(وذلك مثل إجماعهم على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى جميع الأمم، وكذلك إجماعهم على استقبال الكعبة البيت الحرام في صلاتهم ... وكذلك الإجماع على وجوب الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان وحج البيت العتيق، وإجماعهم على وجوب الاغتسال من الجنابة وتحريم الخبائث وإيجاب الطهارة للصلاة، فإن هذا كله مما نقلوه عن نبيهم، وهو منقول عنه - صلى الله عليه وسلم - نقلاً متواترًا، وهو مذكور في القرآن) (٢) .

لذلك ينبغي أن تخف أصوات الخلافات ويجتمع المسلمون على مادة الإسلام العظمى: كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والاسترشاد باجتهادات علماء الحديث والسنة، لا سيما وقد جدت تحديات في هذا العصر تقتضي منهم الوقوف جبهة واحدة.

ولما كانت حضارة العصر الغالبة هي الحضارة الغربية، فيجدر الإشارة باختصار إلى أثر الالتقاء بها في محيط المشكلات الكلامية.

فكيف حدث الالتقاء؟ وما هي آثاره في الماضي والحاضر؟

[الالتقاء بالغرب وآثاره على القضايا الكلامية]

يحدد توينبي اللقاء الأول بين الإسلام والغرب في الماضي عندما كان المجتمع الغربي في دور طفولته بينما كان الإسلام الدين المميز للعرب في عصرهم البطولي. وكان العرب قد فرغوا من فتح وتوحيد البلاد التي كانت مهد الحضارات القديمة في الشرق الأوسط، وكانوا يحاولون توسيع هذه الإمبراطورية - كما يراها - لتصبح دولة عالمية، وينتهي المؤرخ الإنجليزي الكبير إلى التقرير بأنه في هذا اللقاء الأول اكتسح المسلمون نصف المجتمع الغربي تقريبًا وكادوا يفرضون سيادتهم على البلاد الغربية


(١) ابن حزم: مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات ص ١٦٧ - ١٧٥ باختصار ط دار الكتب العلمية.
(٢) ابن تيمية: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج ١ ص ١٢٤ -١٢٥ ط. المدني. بدون تاريخ.

<<  <   >  >>