وبهذا التحليل يرتفع فيلسوفنا بقيمة الإنسان ومكانته حتى يقوم بمسؤولية حمل الأمانة، ويستحق أن يكون خليفة الله تعالى فى الأرض (١) .
[أهم آرائه]
تعد قصيدته المشهورة (أسرار خودي) سنة ١٩١٥ م أول دواوينه الفلسفية وأهمها، وكلمة (خودي) تدل في لغتها الفارسية على الأثرة والعجب والأنوية وما يتصل بها وفي الأردية تعني: دعوة في الأخلاق منكرة وفي التصوف أشد نكرًا، لكن إقبال نقل (خودي) إلى مفهوم أخر، جعله أصل فلسفة له، فأراد بها الذاتية، وهي مفتاح فلسفته كلها، إذ رأى أن العالم قائم بهذه الذاتية، وأن الإنسان بهذه الذاتية يقوم على قدر قوتها وضعفها بل يخلد أو يفنى باستحكامها أو اضمحلالها، لهذا فإن الواجب الإنساني في هذه الحياة ينبغي أن يتوجه لمعرفة ذاته وتقويتها وتنمية مواهبها واستنباط ما في فطرتها، وليس من الخير في شيء إنكار الذات أو إضعافها بل هو الشر كل الشر، كما لا ينبغي العمل لفنائها ولا الرضا به كما يفعل الهنادك وصوفية العجم، بل لا تفنى الذاتية في الله تعالى وليس من الخير السعي إلى إفنائها فيه.
ونستطيع الإلمام بأهم آرائه إذا أحطنا علمًا كما أسلفنا بالمؤثرات الثقافية في تكوينه، فقد نشأ في بيئة إسلامية تميل إلى التصوف، والتقى بحضارة الغرب في أوج نضجها قبل الحرب العالمية الأولى، وعكف على القرآن يدرسه، بعقلية المتشبع بالفلسفة الغربية، وأعلن:(لو أن مسلمًا متفلسفًا بَيَّن المسائل القرآنية في ضوء الأفكار والتجارب الحديثة ما صح اتهامه بأنه يقدم شرابًا جديدًا في ثياب قديمة، ولكني أبين حقائق قديمة في ضوء الأفكار الجديدة. ما أشد أسفي لجهل الغرب بالإسلام والفلسفة الإسلامية) !.
وتشير هذه العبارات إلى مقومات فلسفته وأصولها، فقد استمد من القرآن الحكيم أهم خصائص فلسفته الذاتية، ونعني بها تصوره للإنسان وأصل نشأته ومصيره فقد كشف القرآن الأسرار الكامنة والطاقات الهائلة في الإنسان، وسخر له
(١) د/ محمد إسماعيل الندوي: نظرات جديدة في شعر إقبال ص ٧٦.