بذلك نقده للفلاسفة الذين حاولوا التوفيق بين عقائد الإسلام وفلسفة اليونان كابن سينا وابن رشد.
إنه لم يستبعد احتمال إعادة الحيوية للفكر الإسلامي من جديد إذا ما تخلص من جمود التقليد فهو يقول:(عندما ندرس أصول الفقه الإسلامي الأربعة المتفق عليها.. وهو يعني القرآن والحديث والإجماع والقياس على الترتيب - وما ثار حولها من خلاف، فإن ذلك الجمود المزعوم عن مذاهبنا المعترف بها يتبخر ويبدو للعيان إمكان حدوث تطور جديد) .
بهذا العقل الناقد للحضارة الغربية، المطلع على التراث الإسلامي في مظانه الحقيقية، استطاع هذا المفكر أن يتخلص من روح اليأس من مظاهر أحوال المسلمين - مثلما فعل ابن تيمية من قبل بعدة قرون - ونظر بروح متفائلة مؤكدًا إمكان قيام الحضارة الإسلامية من جديد، إذا ما عادت الأمة الإسلامية إلى أساس حضارتها دون تقليد أوروبا (التي لا نصيب لها في التوجيه السماوي والتنزيل الإلهي. إنه يرى - فضلا عن ذلك - المخطط اليهودي مسيطرًا على أوروبا بحضارتها المادية، فليست المصارف إلا وليدة دهائهم) ، بل (لا يستغرب أن يرث تراثها الديني ويدير كنائسها اليهود)(١) .
وعلى هذا فإن المصدر الأصلي للتجديد الذي ينادي به هو الإسلام لأنه التوجيه السماوي، وقد أثر القرآن في عقلية إقبال وفي نفسه ما لم يؤثر فيه كتاب أو شخصية.
[إقبال بين الغرب والشرق]
وظل إقبال سنين طويلة يفكر فى حال المسلمين، ويمعن النظر في أسباب ضعفهم، ويجول في دروب تاريخهم الطويل، فيتفتق ذهنه عن أنظومة رائعة، يخاطب بها الإنسان المسلم المعاصر (يا شاكيا جور الزمان ويا أسير الوهم والحسبان، اجعل قميصك ثوب الإحرام وأطلع الصبح في هذا الظلام، واستغرق كآبائك في السجود حتى تكون سجدة للواحد المعبود) إن المسلم الأول خضع للخلاق فسيطر على الآفاق ومشى على الشوك في سبيل الحق، فأنبت الورد في الغرب والشرق.
ويوجه إليه اللوم، فيقرعه، ويتساءل في أسى (إني لأرعد من خزيك يوم يسألك