٣- خبر مخرجه مخرج الخصوص ومعناه معنى العموم وهو قوله:(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى)[النجم، الآية: ٤٩] ، فكان مخرجه خاصًا ومعناه عامًا.
٤- خبر مخرجه العموم ومعناه العموم.
فهذه الأربعة الأخبار خص الله العرب بفهمها ومعرفة معانيها وألفاظها وخصوصها وعمومها والخطاب بها، ثم لم يدعها اشتباهاً على خلقه وفيها بيان ظاهر لا يخفى على من تدبره من غير العرب ممن يعرف الخاص والعام، فلما قدم إلينا عز وجل في نفسه خبرًا خاصًا أنه حي لا يموت بقوله:(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ)[الفرقان، الآية: ٥٨] ثم أنزل خبرًا مخرجه مخرج العموم ومعناه الخصوص فقال: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)[آل عمران، الآية: ١٨٥] فعقل المؤمنون عن الله عز وجل أنه لم يعن نفسه مع هذه النفوس لما قدم إليهم من الخبر الخاص، كذلك وقدم إلينا في كتابه خبرًا خاصًا (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[النحل، الآية: ٤٠] ، فدل على قوله باسم مفرد فقال إذا أردناه - ولم يقل أردناهما - ففرق بين القول والشيء المخلوق الذي يكون بالقول مخلوقًا ثم قال عز وجل (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)[غافر، الآية: ٦٢] فعقل المؤمنون عن الله عز وجل أنه لم يعن كلامه وقوله في الأشياء المخلوقة لما قدم من الخبر الخاص (١) .
[الفرق بين الجعل والخلق]
ولكن بشرا عاد إلى موقفه الأول مصممًا على أن قوله مؤيد بنص التنزيل، واستخرج من القرآن الكريم آية يدلل بها على رأيه بقول الله تعالى:(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا)[الزخرف، الآية: ٣] ذاهبًا إلى معنى جعلناه: خلقناه.
وفي مقدمة رد عبد العزيز المكي على بشر المريسي أرجع خطأه إلى أنه رجل من أبناء العجم يتأول كتاب الله تعالى على غير ما أنزل، ويحرفه عن مواضعه ويبدل معانيه ويقول ما تنكره العرب وكلامها ولغاتها، ويكفر بشر الناس ويستبيح دماءهم بتأويل لا بتنزيل.
وأخذ عبد العزيز المكي يستقرئ آيات القرآن التي يثبت فيها أن (جعل)