فرق الأشاعرة بعامة بين صفات الذات وصفات الأفعال الإلهية قال الآمدي:(مذهب أهل الحق: أن الواجب بذاته مريد بإرادة، عالم بعلم، قادر بقدرة، حي بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، وهذه كلها معان وجودية أزلية زائدة على الذات)(١) .
ولقد تعرض هذا الموقف للنقد بواسطة شيخ الإسلام ابن تيمية لأنهم اقتصروا على هذه الصفات وحدها، مؤكدًا أن تضمن الأسماء والصفات التامة الكاملة لله سبحانه وتعالى، مثل قوله سبحانه:(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)[البقرة، الآية: ١٦٣] وقوله عز وجل: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر، الآيتان: ١٥، ١٦] . وقال تعالى:(اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)[البقرة، الآية: ٢٥٥] وقوله: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)[طه، الآية: ١١١] .
ومما يدل على دقة الشيخ في النقد أنه مع إقراره بالمعنى الصحيح لصفتي مريد متكلم إلا أنه بإحصاء الآيات القرآنية يتبين أن هذين الاسمين لم يردا في القرآن الكريم ولا في الأسماء الحسنى المعروفة، ولكن معناهما حق.
ويقرر ابن تيمية أن صفات الله عز وجل ثابتة بالشرع والعقل، ويعجب من موقف الأشاعرة وغيرهم من الصفاتية الذين أثبتوا الصفات السبع لأنها عندهم قد دل عليها العقل، ويرى أن وجه القصور في هذا المنهج يرجع إلى أنهم لم ينتبهوا إلى أن هناك من الأسماء والصفات المقدسة ما هو ثابت بالشرع - ولكن لا يلزم من عدم الدليل المعين المدلول فلا يلزم نفي ما سوى هذه الصفات إذ إن السمع قد أثبت صفات أخرى، واستطرد مثبتًا الأسماء والصفات التي تدل على الرحمة والمحبة وغيرهما، ثم يميز بين نوعي الفعل: المتعدّي واللازم، واتخذ من آيات الله تعالى أدلة على الجمع بين صفات الأفعال بمثل قوله سبحانه: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا
(١) سيف الدين الآمدي (٥٥١ - ٦٣١ هـ) : غاية المرام في علم الكلام تحقيق د. حسن عبد اللطيف ص ٣٨ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة ١٣٩١ هـ - ١٩٧١ م.