للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) وأخذ في تدبر الآيات الأخرى وإحصائها مثبتًا أن هذا الأصل ورد في القرآن في أكثر من مائة موضع.

كذلك لا يرى سببًا يدعو إلى إنكار صفات الأفعال مستندًا إلى دليل عقلي مقتضاه (أن دلالة السمع على علم الله تعالى وقدرته وإرادته وسمعه وبصره، كدلالته على رضاه ومحبته وغضبه واستوائه على عرشه ونحو ذلك) .

ويصبح التساؤل هنا في موضعه تمامًا، إذ أين الصفات السبعة التي اقتصر عليها الأشاعرة من الأسماء والصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه؟ لقد أخبرنا في كتابه أنه حي، قيوم، حكيم، غفور، رحيم، سميع، بصير، عظيم، خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وكلم موسى، وتجلى للجبل فجعله دكًّا، يرضى عن المؤمنين، ويغضب على الكافرين، إلى أمثال ذلك من الأسماء والصفات.

هذا من حيث إثبات الصفات والأفعال.

أما من حيث النفي، فإن الله - تعالى - يصف نفسه بأنه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى، الآية: ١١] (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص، الآية: ٤] (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم، الآية: ٦٥] ؟ (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) [البقرة، الآية: ٢٢] فنفى بذلك أن تكون صفاته كصفات المخلوقين.

وبعد هذه المقارنة التي عقدها الشيخ، لفت نظره اختلاف طريقة الأنبياء والرسل وطريقة المتكلمين في التحدث عن صفات الله تعالى وبيانها، إن القارئ للقرآن يتضح له أن الله سبحانه وتعالى بعث أنبياءه ورسله بإثبات مفصل لأسمائه وصفاته ونفي مجمل لها أي: نفوا عنه مماثلة المخلوقات كقوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى، الآية: ١١] ولكن جاء النظار (أي أهل النظر من المتكلمين النفاة والفلاسفة وغيرهم) فعكسوا القضية فجاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل، أي يقولون: (ليس كذا.. ليس كذا) والقارئ الذي يراجع هذا الحكم يجده صحيحًا تمامًا، خير شاهد على ذلك عقيدة المعتزلة في صفات الله تعالى (١) .

أما الرسل صلوات الله عليهم، فطريقتهم طريقة القرآن، وطريقة القرآن النفي


(١) ينظر مقالات الإسلاميين ج ١ ص ٢٣٥ - ٢٣٦ وكلها تتضمن النفي في وصف الله تعالى.

<<  <   >  >>