للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التعريف بعلماء الحديث ومنهجهم]

إن الحديث والسنة يعني حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته المنقولة إلينا عن الثقات منذ الجيل الأول - أي الصحابة - ثم التابعين وتابعيهم إلى أن تلقاها المحدثون بمنهجهم الدقيق في الجرح والتعديل.

ولم يقتصر علماء الحديث بطبيعة الحال على نقل الأحاديث المتعلقة بالفقه والعبادات والأعمال فحسب بل تناولت أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلها بما في ذلك ما يتناول أصول الدين من توحيد الله - سبحانه - والإيمان باليوم الآخر والملائكة والبعث والحساب والعقاب والجنة والنار وما إلى ذلك من عالم الغيب الذي يشكل موضوعات أصول الدين، وأفرد له المحدثون في كتبهم أبوابًا خاصة. والحديث قد دون - في أرجح الروايات - أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١) .

وكان المسلمون في عصر الصحابة والتابعين يستمدون عقائدهم عن أصول الدين من الكتاب والسنة، وذلك قبل أن يطرأ عامل الترجمة والفلسفة اليونانية، وتحولت المناهج بعدها إلى نزاع بين المحدثين من جانب والمتكلمين والفلاسفة من جانب آخر، إذ ظل أهل الحديث على طريقة الأوائل، بينما ظهر علم الكلام على يد المعتزلة كواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد ممن استخدموا منهجًا ظنوه عقليًا في أصول الدين استخدامًا خاطئًا لأنهم أطلقوا ألفاظ الفلسفة اليونانية على المعاني الإسلامية.

وقد قام أهل الحديث بمهمة كبرى في تاريخ الإسلام إذْ حفظوا للمسلمين الأصل الثاني من أصول الإسلام ممثلاً في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لا تستقيم حياة المسلمين بدون معرفتها واتباعها، وقد نيط بعلماء الأحاديث تنقيتها وتمييز الصحيح من الضعيف والموضوع فحفظوا لنا تراث النبوة فلم يضع كما ضاع غيره من تراث الأنبياء والرسل من قبل وصانوه من التحريف والتبديل والتعديل الذي حدث في تراث الرسل والأنبياء من قبل، وبقي الإسلام بدعامتيه الكبيرتين - كتاب الله وسنة


(١) الخطيب البغدادي: تقييد المعالم ص ٥٧، ص ٩٣ دار إحياء السنة النبوية بتحقيق يوسف العش ١٣٩٥ هـ ١٩٧٥ م.

<<  <   >  >>