للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذلك، سمى الله تعالى آيتي موسى عليه السلام برهانين، فقال سبحانه: (فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ) [سورة القصص: ٣٢] .

٢ - قياس الأولى: (على وزن الأعلى) :

ولعل أهم نقد لشيخ الإسلام ابن تيمية للقياس الأرسططاليسي أن هذا القياس إذا استخدم في الاستدلال على (واجب الوجود) تبارك وتعالى، لا يدل على ما يختص به، وإنما يدل على أمر مشترك كلي بينه وبين غيره؛ لأن قياس الشمول تستوي أفراده، والله تعالى ليس كمثله شيء.

ولا يجتمع سبحانه، هو وغيره، تحت كلٍّ تستوي أفراده، وقد جعلوا الوجود المطلق موضوع الفلسفة الأولى.

فإن وصفهم (للوجود) الذي هو موضوع العلم الإلهي عندهم هو الوجود المطلق الكلي، فإذا كان هذا هو (العلم الأعلى) عندهم، لم يكن العلم (الأعلى) عندهم علمًا بشيء موجود في الخارج، بل علمًا بأمر مشترك بين جميع الموجودات، وهو مسمى (الوجود) ، وذلك كمسمى (الشيء) ، و (الذات) ، و (الحقيقة) ، و (النفس) و (العين) ، و (الماهية) ونحوها من المعاني العامة.

ويرى ابن تيمية أن العلم بهذا ليس هو علمًا بموجود في الخارج، لا بالخالق ولا بالمخلوق، وإنما هو علم بأمر مشترك كلي تشترك فيه الموجودات، لا يوجد إلا في


(١) ابن تيمية: موافقة صحيح المنقول ص ١٤ وجاء (تفسير الجلالين) (أدخل يدك اليمنى بمعنى الكف في جيبك - وهو طريق القميص وإخراجها (تخرج) بخلاف ما كانت عليه من الأدمة (بيضاء من غير سوء: برص، فأدخلها وأخرجها، تُضئ كشعاع الشمس، تغشي البصر (.. فذانك) بالتشديد والتخفيف أي: العصا واليد. والآية كاملة: (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) [سورة القصص: ٣٢] .
ويقول الأصفهاني: فالبرهان أوكد الدلالة وهو الذي يقتضي الصدق أبداً، لا محالة قال تعالى: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة البقرة: ١١١] (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) [سورة الأنبياء: ٢٤] (قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) [سورة النساء، آية: ١٧٤] المفردات في غريب القرآن ص ٤٥.

<<  <   >  >>