للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالمعتزلة والشيعة والخوارج ومن وافقهم، فإنهم لا يتبعون الأحاديث التي رواها الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي يعلم أهل الحديث صحتها والأدلة على ذلك أن المعتزلة يقولون: هذه أخبار آحاد، ويطعن الشيعة في الصحابة ونقلهم وهذا طعن ضمني في الرسالة. والخوارج يعبرون عن موقف قائلهم (اعدل يا محمد فإنك لم تعدل) ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ويلك إن لم أعدل من يعدل لقد خبت وخسرت إن لم أعدل) (١) .

وقد ظهرت الفرق والآراء الكلامية المبتدعة تباعًا، وجابهها علماء السنة والجماعة للرد عليها وإعادتها إلى الصف الإسلامي بعقيدته في الصدر الأول.

وكلما تفتقت الأحداث عن انحراف ما، أسرع الجهابذة من علماء أهل السنة والجماعة لتصويبه وإظهار وجه الحق، إذ ظهرت أفكار الخوارج بسبب قصورهم في فهم آيات من القرآن الكريم، وبدأ التشيع عندما قتل الحسين سيد الشهداء إلى آخر الأحداث التي سجلتها كتب التاريخ، فأخذت الآراء تكثر وتتشعب، والفرق تتشكل وتتحزب حول معتقداتها.

ثم انتقلت أصداء هذه الخلافات والمناقشات إلى كتب علم الكلام لتأخذ مكانها بين الآلاف من صفحاتها عرضًا وتفنيدًا ونقاشًا، وهكذا ظهر الجدل في أصول الدين.

[الافتراق عن مذهب الصحابة في أصول الدين]

إن مذهب الصحابة رضي الله عنهم - كما يذكر الشاطبي- وعليه دأبوا أن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غيره، فلم ينكر أحد منهم ذلك، بل أقروا وأذعنوا لكلام الله وكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يصادموه ولا عارضوه بأشكال، بل آمنوا به وأقروه (٢) .

وتعليل ذلك عنده:

١ - إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن التنقيب فيما لا طائل وراءه بمثل قوله (ذروني ما تركتكم فإنما هلك الذين من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا


(١) ابن تيمية: منهاج السنة ج ٢ ص ١٠٣.
(٢) الشاطبي: الاعتصام ج ٢ ص ١٩١/٢ - نفس المصدر ج ٢ ص ٢٠٧.

<<  <   >  >>