ولكن، لا ينكر ابن تيمية فضل ابن كلاب عندما قام في وجه المعتزلة مثبتًا صفات الله تعالى، ومنها صفة العلو، وهي بإيجاز تتلخص فيما يلي:
إثبات صفة العلو لله تعالى شرعًا وعقلاً:
نقد ابن كلاب بشدة رأي المعتزلة القائل بأن الله - سبحانه وتعالى - لا هو في العالم ولا خارج منه لأن هذا النص يتساوى مع وصف العدم. وعلى هذا فإن دعواهم هي النفي الخالص بدعوى التوحيد الخالص، مع أنهم عقليون قياسيون وعرض آرائهم على العقل يكشف أخطاءهم، وفيما يلي رأي ابن كلاب بإيجاز:
يستند ابن كلاب في إيراد حجته لإثبات استواء الله على العرش إلى حجج عقلية وشرعية، فمن الحجج العقلية أن المعتزلة إذا وصفوا الله عز وجل بأنه ليس فوق ولا تحت، فإنهم بذلك يصفون العدم. وهم يعتقدون أن الله في الأمكنة كلها، فيتساءل ابن كلاب معجبًا:(وإن كنتم تذهبون إلى خلوه من استوائه عليها كما استوى على العرش، فنحن لا نحتشم أن نقول: استوى الله على العرش ونحتشم أن نقول: استوى على الأرض واستوى على الجدار، وفي صدر البيت) .
وأيضًا يلزمهم بالفوقية؛ لأنهم يعنون بها القدرة والعزة، وليس هذا إجابة عن سؤاله لهم؛ لأنهم من ناحية أخرى يصفونه بأنه ليس هو فوق وليس هو تحت - ويلزمهم بالتناقض - لأن ما كان لا تحت ولا فوق فعدم، ويتناقضون أيضًا بقولهم هو تحت وهو فوق، فساووا بين الجهتين، وهذا تناقض.
أما التفسير فهو في جانب إثبات صفة العلو لله تعالى، فإذا تعمقنا في غور الفطرة الإنسانية، لوجدنا من المفطور فيها معرفة ربها في السماء، ومعارف الآدميين هنا لا شيء أبين منه ولا أوكد، فلا تسأل أحدًا من الناس عربيًا ولا عجميًا ولا مؤمنًا ولا كافرًا: أين ربك؟ إلاّ وأجاب بأنه في السماء، ولا رأينا أحدًا إذا دعا إلا رافعًا يديه إلى السماء، فكيف يضل الناس جميعًا ويهتدي جهم وأتباعه، ويدعون أنهم أفضل الناس كلهم؟
ويضيف ابن كلاب إلى ذلك الدليل الشرعي في الحديث النبوي عن سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - جارية:(أين الله؟) فأجابت: (في السماء) فأجاز إجابتها الرسول، وأنه