للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد إقبال

[حياته وعصره]

ولد محمد إقبال في سيالكوت بالبنجاب عام ١٢٨٩ هـ - ١٨٧٣ م وكان أبوه تقيًا فألحقه بكتّاب لحفظ القرآن الكريم، وقد تلقى الابن تأثيرًا وحُبًّا من الأب، وكاد محمد إقبال يتخذ طريقًا دينيًا بحتًا لولا أن صديقًا لوالده - الذي كان يعمل بالزراعة - حثه على أن يتلقى الابن العلوم الحديثة، فالتحق بمدرسة البعثة الاسكتلندية في سيالكوت في رعاية صديق الوالد (مولانا مير حسن) وكان ضليعًا في الآداب الفارسية والعربية. التحق بعد ذلك بالكلية الأميرية في لاهور حيث اختار الفلسفة مجالاً لتخصصه، وفيها تتلمذ على يد المستشرق سير توماس أرنولد، ثم سافر إلى إنجلترا للدراسات العليا في الفلسفة حيث حصل على الماجستير ثم اتجه بعدها إلى ألمانيا، وهناك حصل على الدكتوراه في الفلسفة، إذ منعه النظام البريطاني من الحصول عليها لأنه أجنبي. وذاعت شهرته في أوروبا إذ أخذ يترنم شعرًا بأفكاره الإسلامية.

وعاد من أوروبا بانطباع جديد عام ١٣٢٧ هـ - ١٩٠٨ أنه إذا كانت مادية الغرب خالية من القيم الروحية والأخلاقية، فإن روحانية الشرق أصبحت خاوية، فرأى إعادة الروح إلى الحضارة الإسلامية بنفخة من الشرق والغرب معًا، فعلم الغرب وتقدمه التكنولوجي يعملان على القضاء على الفقر والمرض، ولكن ليس على الشرق أن يكرر خطأ الغرب بعبادة القوى المادية وإنما يجب أن نخضع هذه لأهداف روحية لأن إنقاذ البشرية لا يتم إلا بالدين. والمسلمون أنفسهم في حاجة إلى تجديد الفكر الديني وإزالة معالم الجمود والتحلل التي طمست معالم الإسلام الأصلية، كان دقيقًا في اعتبار حركته الفكرية (إعادة بناء الفكر الحديث) لأن أية محاولة إنسانية لا تتعلق بتعديل مبادئه طالما أن مصدره وهو القرآن له صفة الجزم والتأكيد الأبدية فإن دوره إذن يقتصر على إفهام المسلمين لمبادئه، فالتطور إذن في تفسير تعاليمه وليس هناك تطور في الإسلام نفسه على النحو الذي تم بفعل (مارتن لوثر) في المسيحية.

واشتغل بالمحاماة إلى جانب اشتغاله بالتعليم والتدريس في الجامعة من الخارج إذ درس الفلسفة في المدارس الأميرية ولكنه اضطر لتركها لأن إشراف الإنجليز لم يسمح له بالتعبير عن أفكاره، ثم عين عميدًا لكلية الدراسات الشرقية ورئيسًا لقسم الفلسفة دون التفرغ

<<  <   >  >>