للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك اكتفى علماء السنة والحديث وأتباعهم بالحديث النبوي حيث أوضح أصول الدين أفضل توضيح، وبيَّنها أحسن بيان بحيث يغني عن الالتجاء إلى غيره مصدرًا أو طريقًا.

يقول الخطيب البغدادي في كتابه (شرف أصحاب الحديث) :

(ولو أن صاحب الرأي المذموم شغل نفسه من العلوم، وطلب سنن رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم -، واقتفى آثار الفقهاء والمحدثين. لوجد ذلك ما يغنيه عما سواه، واكتفى بالأثر عن رأيه الذي رآه، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد، وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد، وصفات رب العالمين تعالى عن مقالات الملحدين، والإخبار عن صفات الجنة والنار، وما أعد الله تعالى فيهما للمتقين والفجار، وما خلق الله في الأرضين والسموات من صنوف العجائب وعظيم الآيات، وذكر الملائكة المقربين ونعت الصافين والمسبحين.

وفي الحديث قصص الأنبياء، وأخبار الزهاد والأولياء ومواعظ البلغاء وكلام الفقهاء وسير ملوك العرب والعجم، وأقاصيص المتقدمين من الأمم، وشرح مغازي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسراياه، وجمل أحكامه وقضاياه، وخطبه وعظاته وأعلامه ومعجزاته، وعدد أزواجه وأولاده وأصهاره وأصحابه، وذكر فضائلهم ومآثرهم، وشرح أخبارهم ومناقبهم، ومبلغ أعمارهم، وبيان أنسابهم (١) .

أما المنهج الكلامي المعتزلي، فكانت أبرز معالمه - فضلاً عما تقدم من التزامهم بالأصول الخمسة - مخاصمة أهل الحديث والطعن في الأحاديث النبوية؟ إذ تحامل المعتزلة على المحدثين، واتخذوا من الجدل أساسًا للطعن في النصوص، وأولوا المتشابه من آي القرآن الكريم تأويلاً لم يقرهم أهل السلف عليه، وكانت مسألة الصفات الإلهية من أهم مسائل النزاع بينهما، حتى أصبحت علمًا مميزًا بين الطائفتين أو بين المثبتين والنافين لها، يقول الشهرستاني: (اعلم أن جماعة كبيرة من


=
أوغلي ط دار إحياء السنة النبوية - أنقرة ١٩٧٢ م.
(١) الخطيب البغدادي: شرف أصحاب الحديث ص ٦، ٧، ٨. تحقيق د. محمد سعيد خطيب أوغلي ط دار إحياء السنة النبوية - أنقرة ١٩٧٢ م.

<<  <   >  >>