للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدالين على وجود الصانع الحكيم (١) .

ونهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن التفكر في الخالق جل شأنه، فجاء في الأثر "تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق) ، وتعليل النهي أنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء (فالتفكر والذي مبناه على القياس ممتنع في حقه، وإنما هو معلوم بالفطرة، فيذكره العبد) (٢) كذلك جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسنته كمصدر ثان للإسلام ولذلك أصبح المنهج الصحيح يقتضي معرفة سنته وتنفيذها، فمن كان أعلم بسنته وأتبع لها كان الصواب معه، وهذه الأوصاف تنطق على الصحابة - رضي الله عنهم - ثم الأجيال التالية من أهل الحديث والسنة (وهؤلاء هم الذين لا ينتصرون إلا لقوله، ولا يضافون إلا إليه، وهم أعلم الناس بسنته وأتبع لها لكن التفرق والاختلاف كثير في المتأخرين) (٣) .

وبهذه الطريقة وضعوا الأسس السليمة للمنهج الصحيح في معرفة أصول الدين وفروعه، فمن أراد إذن معرفة شيء من الدين والكلام فيه، نظر فيما قاله الله والرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل، هذا أصل منهج أهل الحديث والسنة.

أما المخالفون لهذا المنهج، فلم يراعوا قاعدته ويلتزموا بخطواته، إذ أنهم بدلاً من البدء بالنظر فيما قاله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، بدأوا بما رأوه بعقولهم كما فعل المتكلمون، أو بما ذاقوه بوجدانهم - كما فعل الصوفية - فإذا وجدوا السنة توافقه وإلا لم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه، أعرضوا عنها تفويضًا أو حرفوها تأويلاً (٤) .

وهذه الصورة المخالفة للمنهج الإسلامي الصحيح كثيرًا ما نراها في عصرنا أيضًا، بسبب ضغوط ثقافة الغرب وحضارته، وعلى أثر انتصاره العسكري والسياسي وتفوقه العلمي ونفوذه الثقافي، وتأثيره الساحر على العقول والنفوس، في مقابل ضآلة


(١) السيوطي: صون المنطق ج ١ ص ١٤٣.
(٢) ابن تيمية: نقض المنطق ص ٣٥.
(٣) ابن تيمية: منهاج السنة ج ٣ ص ٤٦.
(٤) ابن تيمية: الفرقان بين الحق والباطل ص ٤٧.

<<  <   >  >>