للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد:

تبين لنا مما تقدم أن المسلمين في الصدر الأول من الصحابة وأوائل عصر التابعين تقيدوا بالمنهج الإسلامي الصحيح.

فإن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة، فلا ينتصر لشخص انتصارًا مطلقًا عامًا إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا لطائفة انتصاراً مطلقًا إلا للصحابة رضي الله عنهم (١) .

وإن ارتد ناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليسوا من الفرقة الناجية هم:

أولاً: خصوم أبي بكر - رضي الله عنه - كمسيلمة الكذاب.

ثانيًا: السبئية أتباع عبد الله بن سبأ.

ثالثًا: المختار بن أبي عبيد.

وشرح حديث الفرق الناجية يقتضي أنه كل من خرج عن الجماعة فينطق عليه وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن تيمية: وكذلك يدل الحديث على مفارقة الاثنين والسبعين في أصول العقائد، بل ليس في ظاهر الحديث إلا مباينة الثلاث والسبعين كل طائفة للأخرى، وحينئذ فمعلوم أن جهة الافتراق جهة ذم لا جهة مدح، فإن الله تعالى أمر بالجماعة والائتلاف وذم التفريق والخلاف، فقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران، الآية: ١٠٣] .

وقال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) [آل عمران، الآية: ١٠٥، ١٠٦]

قال ابن عباس وغيره: (تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة) . وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام، الآية: ١٥٩] (٢) .


(١) ابن تيمية: منهاج السنة ج ٣ ص ٦٦.
(٢) ابن تيمية: منهاج السنة ج ٢ ص ١٠٤.

<<  <   >  >>