للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحمد لله لأنه هو المنعم بالنعم التي ذكرت في الايات بعد هذا البيان ثم: {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى....} وهم الموحّدون من ألأنبياء والرسل ومن اتبعهم بإحسان. ثم بدأت الآيات لمواجهة المشركين في إجمال، ثم تفصيل ...

أما الإجمال فهو قوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} ؟ والاستفهلم - هنا - يحمل شحنة من الإنكاء الموجه لعقيدة الشرك وما يُعْبَدُ من دون الله. فليس في أصنامهم خير قط. فضلاً أن تكون أكثراً خيراً من بارئ الكائنات.

وتكرر هذا الإنكار، ولكن بنفي أن يكون مع الله إله عقب كل مجموعة من الآيات والعظات التي ذُكرت ...

ففي الآية (٦٠) لفت نظرهم إلى: خَلْق السموات والأرض، وإنزال المكاء من السماء وإنبات الحدائق النضرة التي ليس في مكنة إنبات شجرها، ثم يسأل منكراً: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟ ولم يُذكر جواب هذا التساؤل لحكمتين:

إحداهما: بيانية يُنبئ عنها سياق الكلام، وهي الإنكار في صدر الجملة: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟ وهذا الإنكار جعل الجواب كأنه مذكور.

والأخرى: تربوية. لأن في ترك النص على الجواب تهيئة لأذهان المخاطبين ليتفكروا ويصلوا إلى تصور الجواب بأنفسهم، وهذا أدخل في الإقناع والتسليم؟ وقد تكرر هذا الموقف الحكيم في كل صور الاستفهام في الآيات إلتي تلت.

ثم تأتي فاصلة الآية: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} والمعنى - والله أعلم - أن الحق لائح أمامه يدركونه يقيناً، ولكنهم لم يصيرزا إليه، لأنهم مشركون بربهم عناداً ومكابرة.

وفي الآية (٦١) ينتقل البيان المعجز إلى لفت الأذهان إلى الآيات التي أودعها الله في الأرض بعد أن خلقها: فهي قرار مكين. قرار حسي لأنها ثابتة لا تضطرب. وقرار نفسي بما أودع فيها من نِعَم وخيرات. فقد أجرى فيها الأنهار. وأرساها بالمثقلات من الجبال لئلا تميل وتنكفئ فيهلك من وما عليها جميعاً. وجَعْله بين البحرين: الحلووالمر حاجزاً حصيناً فيه للعقلاء عظة. الماءان متجاوران دون أن يحدث بينهما امتزاج: حاجز مائي

<<  <   >  >>