للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا سدود ولا قناطر. ثم يتكرر التساؤل الإنكاري: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟ كلا. وإنما دعاهم إلى الشرك جهلهم وغباؤهم.

وفي الآية (٦٢) يثير القرآن مشاهد من تصرفات الله الحكيم في المجتمع البشري كله: من إجابة دعوة المضظر حين تنقطع به كل السُبُل ويلجأ إلى الله. فيكشف السوء، ويزيل الضرر، ومن تصرفه في أحوال العباد وتمكينهم في الأرض جيلاً بعد جيل: نزع وإيتاء. إماتة وإحياء نظام حكيم لا يتخلف ثم يأتي التساؤل: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟ كلا ولكنهم غافلون ساهون عن هذه الآيات.

وفي الآية (٦٣) ينتقل إلى التذكير بآيات برية وبحرية وأفقية فهو يهديكم في ظلمات البر والبحر، ويرسل السماء عليكم مدْراراً بعد أن يبشركم بإرسال الرياح بين يدي رحمته، ثم يأتي التساؤل: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟ بعد كل هذه العظات البيات، والدلائل اللائحات أمامكم. سبحان الله وتعالى عن الأنداد والشركاء.

أما ألاية (٦٤) فقد لوَّحت في مجال هذا الاستدلال المفحم بآية بدء الخلق ثم إعادته، وبآية الرَّزْق من السماء بإنزال الماء بما يكفي حاجة العباد والزروع الأنعام، ثم تُقَفَِّى بالتساؤل المنكر لوجود إلهَّ مع الله: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟

ولما كانت هذه الآية (٦٤) مسك الختام لهذا القطع الاستدلالي كانت خاتمتها: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي إن كنتم بعد هذه الدلائل كلها التي تعاينونها بأبصاركم، وتدركونها بعقولكم، وتحسونها بمشاعركم، وتعيشونها بكل جوارحكم، إن كنتم مع هذا كله تؤمنون بأن مع الله آلهة فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين في زعمكم وكان لكم برهان تستندون إليه.

والأمر في قوله تعالى: {هَاتُوا} للتعجيز، وعجزهم عن الإيتاء ببرهان كفيل - لو أطرحوا العناد - أن يبصرهم بما هم فيه من ضلال، وأن يهيئ لهمو سبل الهداية إلى الحق إن كانوا يريدون الحق.

وإلا فقد قامت عليهم الحُجَّة، وباعوا أنفسهم للشيطان وليهم في الدنيا والآخرة. وخسروا أنفسهم، وما ظلموت الله، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

<<  <   >  >>