لو اقتحم عليهم العدو دورهم ثم طلب منهم الانقضاض على النبي وصحبه، والإعلان عن كفرهم صراحة لما تلكأ والحظة في إجابة ما طلبه العدو منهم:{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا} .
ثم يأمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم:{.... لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} .
ثم تابعت السورة كشف خباياهم حتى الآية رقم (٢٠) ، ومع هذا ظل المنافقون في المدينة بعد هذه الجرائم يتمتعون بكل حقوقهم في الحياة ويتنقلون بين أرجائها في حريات كاملة.
ترى: لو حدث مثل ما فعلوه ضد أي نظام حكم معاصر، ماذا يحدث من النظم الحاكمة؟
المصير معروف: عمالة -تعاون مع العدو - هروب من الميدان - خيانة كبرى للوطن - التحريض ضد النظام. ثم اعتقالات وتوجيه التهم المذكورة ثم تحقيقات، ثم محاكمات, وسعيد الحظ من يُحكم عليه بالمؤبد. والشقي ليس له مصير إلا الإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاس. ولا تنفعهم شفاعة الشافعين إن جرؤ أحد على الشفاعة لم، ولو باسم القانون!!
فليسأل خصوم الإسلام في الخارج والداخل، ليسألوا أنفسهم هل فعل الإسلام شيئاً من ذلك مع ألدّ خصومه؟ وأخطر أعدائه؟ حين كان الإسلام يطبق على أيدى قادة يعرفون حقيقة الإسلام، ويحرصون كل الحرص على الإلتزام بأوامره ونواهيه؟ نازلين على حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، تاركين هوى أنفسهم، ماضين على أمر الله فكان واقعهم هو الإسلام في أجلى معانيه.