للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولاشك أن هذه النصوص أهم ما يمكن أن يتمسك به من يقول: إن الأئمة يكتفون بالقرائن، وقد رأيتها مشكلة على كثير من الباحثين، مع أن المتمعن فيها وفي سياقها، مقارناً لها بالنصوص الأخرى للنقاد التي تدل على اشتراطهم العلم بالسماع لا يجد فيها إشكالاً، فمنهجهم واحد منضبط لا ينخرم، فهذه النصوص تؤول إلى اشتراط العلم بالسماع، إذ القرائن على إثبات السماع أو نفيه بمثابة التمحيص لورود السماع إذا ورد، قبولاً أو رداً.

وأما شرح ذلك فإن ابن رجب أجاب عن هذه النصوص وأمثالها (١) بما ملخصه أنه ليس فيها إثبات السماع بمجرد ما ذكر في أجوبتهم، وإنما يستخدمونها لأمرين:

الأول: تقريب إمكان السماع، فقد يستفاد منه عند الوقوف على تصريح بالتحديث، وأيضاً للتفريق بينه وبين ما لا يحتمل فيه الاتصال، فإذا قالوا: ينبغي أن يكون سمع منه، لأنه قديم، أو قالوا: قد أدركه، ونحو ذلك، فهذا تقريب لإمكان السماع بهذه القرينة.

وعلى هذا حمل ابن رجب قول الترمذي بعد أن أخرج حديثاً لسعيد بن المسيب، عن أنس: " لا نعرف لسعيد بن المسيب رواية عن أنس إلا هذا الحديث، ومات أنس بن مالك سنة ٩٣، ومات سعيد بن المسيب بعده بسنتين، مات سنة ٩٥ " (٢).


(١). " شرح علل الترمذي " ٢: ٥٨٨ - ٥٩٩.
(٢). " سنن الترمذي " حديث (٢٦٧٨)، والنص فيه مطول.

<<  <   >  >>