للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلان من فلان، فإذاً ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان، أحدهما: هو محمول على الاتصال، والآخر: لم يعلم اتصال ما بينهما، وأما الثالث -وهو أنه منقطع- فلا، فاعلم ذلك، والله أعلم" (١).

وإلى مثل هذا مال الباحث الأخ خالد الدريس، وأيده بشيئين، الأول: بقول مسلم في حكاية مذهب مخالفه: "فإن لم يكن عنده علم ذلك، ولم تأت رواية صحيحة تخبر أن هذا الراوي عن صاحبه قد لقيه مرة وسمع منه شيئاً - لم يكن في نقله الخبر عمن روى عنه ذلك - والأمر كما وصفنا - حجة، وكان الخبر عنده موقوفاً حتى يرد عليه سماعه منه لشيء من الحديث قل أو كثر" (٢)، وقول مسلم أيضاً حكاية عن مخالفه: "فإذا أنا هجمت على سماعه منه لأدنى شيء - ثبت عندي بذلك جميع ما يروى عنه بعد، فإن عزب عني معرفة ذلك أوقفت الخبر، ولم يكن عندي موضع حجة، لإمكان الإرسال فيه" (٣).

والثاني: أن عبارة البخاري فيما ثبت عنده الانقطاع جازمة، كأن يقول: لم يسمع منه، وأما ما لم يثبت فيه الاتصال مع إمكانه فليست كذلك، كأن يقول: لا يعرف سماع فلان من فلان، أو لم يذكر سماعاً، ونحو ذلك.

ثم عقب على ذلك بقوله: "ومن تأمل هذا الموضع يتضح له الفرق بين المنقطع المعلوم الانقطاع، وبين ما لم يثبت فيه السماع فلا يسمى منقطعاً، كما قال ابن القطان، لأن من لم يثبت له سماع ممن روى عنه ففي ذلك شبهة عدم اتصال


(١). "بيان الوهم والإيهام" ١: ٥٧٦.
(٢). "صحيح مسلم" ١: ٢٩.
(٣). "صحيح مسلم" ١: ٣٠.

<<  <   >  >>