للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجر في تسميته تدليساً ـ وهو رواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه ـ فهذا مضى حكمه في الفصل الأول، وعلى هذا فإذا وقف الباحث على كلام لبعض الأئمة يصف شخصاً بالتدليس عن شخص لم يسمع منه ـ فلا ينشغل الباحث بالبحث عن تدليس المدلس في هذا الحديث بعينه، فذلك لا يتصور، إذ هو لم يسمع منه أصلاً، وإنما يطبق عليه قواعد (الانقطاع) الماضية في الفصل الثاني، ولذا قال ابن رجب: "وأما من يدلس عمن لم يره فحكم حديثه حكم المرسل ... " (١).

مثال ذلك أن ابن جريج معروف بالتدليس، وهو يروي عن عمرو بن شعيب أحاديث (٢)، فإذا كان مع الباحث واحد منها، وأراد نقده، فعليه أن يبحث أولاً في سماعه من عمرو بن شعيب، وسيجد أن البخاري نص على أنه لم يسمع منه (٣)، وقال البيهقي: "لا يرون له سماعاً منه" (٤).

وعلى هذا فالحكم على الإسناد يكون بالجزم بالانقطاع، ولا يقال - كما يفعله بعض الباحثين -: ابن جريج مدلس، ولم يصرح بالسماع، فإن هذا الحكم على الإسناد يوهم أنه يحتمل الوقوف على رواية يصرح فيها بالسماع، والحال أنه


(١) "شرح علل الترمذي" ٢: ٥٨٤.
(٢) " تحفة الأشراف " ٦: ٣٢٤.
(٣) " العلل الكبير " ١: ٣٢٥.
(٤) " سنن البيهقي " ٦: ٨.

<<  <   >  >>