للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يسمع منه أصلاً، وغير المدلس هذا حكمه، فالمدلس من باب أولى.

وكون الأئمة يسمون عمل ابن جريج هذا تدليساً لا يبرر قول الباحث هنا: إن ابن جريج مدلس، ولم يصرح بالسماع، لأن هناك نوعاً من التدليس يكون المدلس قد سمع من شيخه في الأصل، والأئمة إذا وصفوا ابن جريج - مثلاً - بالتدليس عن عمرو بن شعيب يذكرون أنه لم يسمع منه، فالحكم على الحديث المعين إذاً هو النص على الانقطاع والجزم بأنه لم يسمعه.

وقد رأيت بعض الباحثين يضعف بالتدليس رواية مدلس لشيء لم يدركه أصلاً، فقد قال أحد الباحثين عن أثر قتادة: "أن زيد بن ثابت ترك ذهباً وفضة كسر بالفؤوس"-. قال الباحث: " إسناده ضعيف لتدليس قتادة".

وقتادة فوق أنه لا يروي هذا الأثر عن زيد بن ثابت، وإنما يرسله، كما هو ظاهر من صيغة الرواية - فإنه لم يدرك زيد بن ثابت، فلا معنى لتعليل الإسناد بتدليس قتادة.

الأمر الثالث: اتضح مما تقدم أن التدليس عند أكثر الأئمة له صورتان: إحداهما تحديث الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه، والثانية: تحديثه عمن سمع منه بشيء لم يسمعه منه، فإذا ارتكب الراوي واحدة منهما وصف بأنه مدلس.

وكثير من المدلسين يرتكب الصورتين جميعاً، وهؤلاء لا إشكال فيهم بأنهم يعاملون بأحكام المدلسين في الحالتين، أما في الأولى فالمقصود بذلك

<<  <   >  >>