للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال باحث آخر: "من لم يصفه أحد أئمة الجرح والتعديل بالتدليس فلا ينبغي أن يوصف بذلك، فإن بعض الرواة يقع فيما يروونه ما يتطابق مع تعريف التدليس، ولم نجد من الأئمة من وصفهم ... ، فلا يجوز لأحد أن يصف راوياً بالتدليس، إلا من وصفه الأئمة من أهل الحديث بالتدليس".

ومن العجيب أن ابن حجر ـ وهو الذي توسع جداً في حصر المدلسين كما تقدم آنفاً ـ هو السابق إلى هذه الفكرة، أعني قصر الوصف بالتدليس على من وصفه به الأئمة، فقد تصدى لجمعهم في كتاب آخر له وهو "النكت على كتاب ابن الصلاح"، فبلغ عددهم مائة واثني عشر رواياً، وقال بعد أن سردهم: "وكل من ذكر هنا فهو بحسب ما رأيت التصريح بوصفه بالتدليس من أئمة هذا الشأن، على التفصيل ... " (١).

ولكن لا يظهر لي أن غرضه من هذا ما ذهب إليه هؤلاء الباحثون، بدليل أنه قد نوَّهَ هنا بكتابه الأول "تعريف أهل التقديس".

ومع أن ابن حجر قد أسقط من جمعه الأخير عدداً من الرواة الذين ليسوا على شرطه وقد ذكرهم في الكتاب الأول، إلا أنه أبقى منهم أفراداً لا ينطبق عليهم شرطه، حسب ما ذكره في تراجمهم في الكتاب الأول، مثل أيوب السختياني، لم ينقل عن أحد وصفه بالتدليس، وإنما اعتمد في ذكره على روايته عن أنس وهو قد عاصره ولم يسمع منه، ومثل أبي قلابة الجرمي، إنما وصفه


(١) "النكت على كتاب ابن الصلاح" ٢: ٦٣٦ - ٦٥١.

<<  <   >  >>