للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشأن على وصفه بذلك.

وكلام ابن رشيد ظاهر في أن الإيهام أمر زائد على مجرد الصيغة، ويمكن أن يستدل له بقول أبي داود: " كان ابن سيرين يرسل وجلساؤه يعلمون أنه لم يسمع، سمع من ابن عمر حديثين، وأرسل عنه نحواً من ثلاثين حديثاً" (١).

وبقول شعبة في التحذير من التدليس: "لأن أقع من فوق هذا القصر - لدار حياله- على رأسي، أحب إلي من أن أقول لكم: قال فلان - لرجل ترون أنه قد سمعت ذاك منه - ولم أسمعه" (٢).

وذكر الشيخ عبدالرحمن المعلمي أن هذا هو مقتضى كلام الإمام مسلم، والخطيب البغدادي، قال المعلمي: "وصنيع مسلم يقتضي أن الإرسال على أي الوجهين كان إنما يكون تدليساً إذا كان على وجه الإيهام، ويوافقه ما في "الكفاية" للخطيب، وذكر مسلم أمثلة فيها إرسال جماعة بالصيغة المحتملة عمن سمعوا منه ولم تعد تدليساً، ولا عدوا مدلسين، ومحمل ذلك أن الظن بمن وقعت منهم أنهم لم يقصدوا الإيهام، وأنهم اعتمدوا على قرائن خاصة كانت قائمة عند إطلاقهم تلك الرواية تدفع ظهور الصيغة في السماع ... " (٣).

وإذا كان هذا هو المراد بالإيهام فلا شك أن إدراك المتأخر لغرض الراوي


(١) "سؤالات الآجري لأبي داود" ٢: ٥٥.
(٢) "الجرح والتعديل" ١: ١٧٤.
(٣) التنكيل ١: ٧٨.

<<  <   >  >>