للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الحافظ صالح جزرة حكاية ظهر منها أن إسقاط إسماعيل ليس من محمد، وإنما هو ممن بعده (١).

وقد يكون رميه بالتدليس ظاهراً، لكن ارتكابه له نادر جداً بحيث لا يمكن اعتباره وصفاً للراوي، كقول الترمذي المتقدم آنفاً في تدليس جرير بن عبدالحميد لحديث رواه عن هشام بن عروة، فهو حديث واحد، مع أن جريراً إنما ذكره في المناظرة لا على سبيل الرواية، فقد قال البخاري: "قال محمد بن حميد: إن جريراً روى هذا في المناظرة ولا يدرون له فيه سماعاً" (٢)، والمناظرة نوع من المذاكرة، يتسامح فيها، إذ ليس المقصود فيها الرواية.

وقد سئل أبو خيثمة زهير بن حرب عن جرير بن عبدالحميد هل كان يدلس لكونه لا يصرح بالتحديث كثيراً، فأجاب بأنه لا يدلس، وأوضح ذلك (٣)، وذكر ابن معين أن جريراً لا يحسن أن يدلس أصلاً، فالتدليس يحتاج إلى مهارة وخبرة (٤).

وقد وقع لأبي زرعة الرازي في حديث مثل ما وقع لجرير بن عبدالحميد (٥)،


(١) "تهذيب الكمال" ٢٦: ٢٥٦، وانظر: "سؤالات الآجري لأبي داود" ٢: ١٩٨ - ١٩٩، ٢٠٠ - ٢٠١، و"تهذيب التهذيب" ٩: ٣٩٢.
(٢) "العلل الكبير" ١: ٥١٥.
(٣) "تاريخ بغداد" ٧: ٢٥٩.
(٤) "تاريخ ابن الهيثم عن ابن معين" ص ٤٧، وانظر: " سنن الدارمي" حديث (٤٢٢ - ٤٢٣).
(٥) "لسان الميزان" ٣: ٨٧ - ٨٨، وانظر مثالاً آخر في إلجاء المذاكرة الراوي إلى الإرسال، في "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص ٥٧٨ - ٥٧٩.

<<  <   >  >>