للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التحديد، فنرجح حينئذ أنه لم يسمعه، ويكون حكمنا في ذلك حكم النقاد في عصر الرواية، الذين وقفوا على صيغ رواية المدلس، وقد تقدم في هذا المبحث النقول عنهم فيما يشبه الإجماع على أن المدلس إذا روى بهذه الصيغ فقد دلَّس.

ومن الأمثلة التطبيقية على ذلك حديث: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين"، الماضي ذكره آنفاً، فقد تقدم أن من قرائن وقوع التدليس فيه إدخال الزهري واسطة في بعض الروايات عنه.

ومن القرائن كذلك أنه جاء في بعض الطرق إلى يونس قول الزهري: حدث أبو سلمة، قال أبو داود: "سمعت أحمد بن شبويه يقول: قال ابن المبارك في هذا الحديث: حدث أبو سلمة، فدل على أن الزهري لم يسمعه من أبي

سلمة " (١).

وقال البيهقي بعد أن أخرجه من طريق عنبسة بن خالد، عن الزهري كذلك: "هذا يدل على أنه لم يسمعه من أبي سلمة، وإنما سمعه من سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة " (٢).

ومن الأمثلة أيضاً ما رواه سعيد بن أبي عروبة، وعمران القطان - في رواية عنه - عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله، عن عياض بن حمار، قال:


(١) " سنن أبي داود " ٣: ٥٩٥.

وممن رواه كذلك عن يونس أيضاً أبو ضمرة، أخرجه النسائي حديث (٣٨٤٧)، لكن وقع فيه: حدثنا أبو سلمة، وقد جاء على الصواب في "تحفة الأشراف" ١٢: ٣٦٧، فهو من أمثلة أخطاء التصريح بالتحديث من مدلس، وقد تقدم الحديث عنها بتوسع في المبحث الرابع.
(٢) " سنن البيهقي " ١٠: ٦٩.

<<  <   >  >>