العلم ـ فالسؤال هو: ما معنى انتسابهم لهذا العلم وقد تركوا أهم ما فيه، وما به يتميزون عن غيرهم؟ وإن كان المقصود تأجيل ذلك إلى أمد، فكيف يصح هذا وهو عند مطالبته بالدخول فيه عري عنه لم يتدرب عليه؟
فالمنهج الأسلم في هذا هو تدريب الطلاب والباحثين على النظر في خطوات التصحيح والتضعيف كلها دون استثناء، وإعدادهم لتحمل المسؤولية، تحت إشراف أساتذتهم ومشرفيهم، فأقل ما يحصلون عليه إدراك عظم الخطورة من الحكم على الأسانيد مفردة قبل استكمال خطوات البحث، ويمكن تعويضهم بالتخفيف عنهم في القدر المطلوب إنجازه، فقليل متقن محرر يخرج منه الطالب بالفائدة المهمة في تخصصه خير من كثير تقل فيه الفائدة.
وعطفاً على هذا فإنني أرى أن ما يشيع في بعض الأقسام العلمية من تقسيم لأنواع البحوث إلى أحاديث معللة وغير معللة ... الخ ينبغي أن لا يؤخذ على ظاهره، فمن بحثه يدخل تحت القسم غير المعلل لا يصح إعفاؤه من النظر في هذا الفن والتدرب عليه، والوصول إلى نتيجة نهائية في الحديث تعتمد على المقارنة ودراسة الطرق وعرض المرويات، فإخلاء بحثه من هذا جناية عليه هو قبل أن يكون جناية على غيره.
فالمقصود أن الورع يقتضي سد هذا الباب ـ أعني الاكتفاء بالحكم على الإسناد مفرداً ـ ولا يلجأ إليه إلا عند الضرورة، كإسناد ليس له متابعات ولا شواهد، ولا يود الباحث ـ ورعاً ـ أن يحكم على الحديث كله، فيحكم فقط على الإسناد الذي أمامه، أما إسناد طرقه كُثُر، وقد تكلم عليه العلماء، وقد يكون فيه علل، ويسكت عليه الباحث، أو يكتفي ببحث أولي، فهذا إن صح للتدريب وليكتبه الباحث لنفسه فهذا أمر مسلّم، أما غير ذلك بأن ينشر، وقد