يجادل عليه، أو يُعمل به، أو ينقل كدليل ونحو ذلك، فهذا هو الذي يحذر منه.
وغير خافٍ على المشتغلين بهذا العلم أن من أهم الأبواب التي دخل منها الضعف إلى تصحيح الأحاديث وتضعيفها قضية الأسانيد المفردة، والحكم عليها، فقد حُكم الآن على أسانيد كثيرة جداً بالصحة لم تكن معروفة، فلا فرق عند كثير من الباحثين بين إسناد تداوله الأئمة في عصرهم، وأخرجوه في كتبهم، وبين إسناد عثر عليه الباحث في أحد "معاجم الطبراني"، أو في "الكامل" لابن عدي، أو في بعض كتب الغرائب، بل حكم على أسانيد بالصحة قد ضعفها الأئمة وفرغوا منها، وكأننا ننشئ علماً جديداً.
والكلام السابق كله مبني على افتراض أن الباحث حين حكم على الإسناد مفرداً قد أجاد النظر في الشروط الثلاثة: عدالة الرواة، وضبطهم، واتصال الإسناد. أما إذا كان قد ضم إلى إغفال النظر في الشرطين الآخرين تساهلاً في النظر في الشروط الثلاثة الأولى فالخطب أعظم، وهو أمر قد كثر جداً - وهذا شيء يؤسف له - لدى المشتغلين بنقد السنة.
فقد يشتبه عليه رواة الإسناد، فلا يستطيع تمييز رواته أو بعضهم، أو لا يحسن النظر في أقوال النقاد في الجرح والتعديل، أو لا يراعي التوثيق والتضعيف المقيد في الراوي، أو لا يدقق النظر في الإرسال والتدليس، وتقدم في ثنايا هذا الكتاب أمثلة على هذا.
وبإدراك ما تقدم أظنني لست بحاجة إلى القول بأن استخدام القسم الثالث من الألفاظ التي تطلق على الأسانيد مفردة، وذلك بمقارنة الإسناد موضع الدراسة بشرط الشيخين أو أحدهما ـ أعظم وأشد خطورة من إطلاق الأحكام غير مقارنة، رغم أن هذا الأمر قد كثر جداً من أئمة سابقين، ومن