للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الفن مبنية أحكامهم فيها على الاجتهاد بحسب ما يتوافر للإمام من قرائن، وبسبب هذا يقع بينهم اختلاف في سماع بعض الرواة ممن رووا عنه، بل قد يكون عن الإمام الواحد روايتان ظاهرهما التعارض، كما في سماع الحسن البصري من عمرو بن تغلب، فقد أثبت أحمد له السماع منه في رواية، وتوقف في سماعه منه في رواية أخرى (١)، وكذا في سماع قتادة من عبدالله بن سرجس، عن أحمد روايتان (٢)، وفي سماع عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود من أبيه روايتان عن ابن معين (٣)، ومثله كثير.

وحينئذٍ فعلى الباحث أن يبالغ في الفحص عن كلامهم وتتبعه، وألا يكتفي بأول حكم يقف عليه، فقد يكون لهذا الإمام قول آخر، أو يكون قد خالفه غيره.

وإذا وقف الباحث على خلاف في سماع راوٍ من آخر وتحقق من نسبة الأقوال إلى أصحابها فعليه أن يقوم بدراسة الاختلاف جيداً، ويتمعن فيه، فيحتمل أن لا يكون خلافاً حقيقياً، بأن يكون مراد إمام بالإثبات شيئاً، ومراد إمام آخر بالنفي شيئاً آخر.

ومثال ذلك أن ينفي إمام صحبة راوٍ ويريد بها الصحبة الخاصة، ويثبتها إمام آخر ويريد بها ثبوت الرؤية، فمرد الاختلاف حينئذٍ إلى الاختلاف في


(١). "مسائل أبي داود" ص (٣٢٢)، و"المراسيل" ص ٤٥.
(٢). "العلل ومعرفة الرجال" ٣: ٢٨٤، و"المراسيل" ص ١٠٦.
(٣). "تاريخ الدوري عن ابن معين" ٢: ٣٥١، و"سؤالات ابن الجنيد" ص ٤٧٣، و"تهذيب الكمال" ١٧: ٢٤٠.

<<  <   >  >>