رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأخرى يرفع الله العبد بها مئة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض. قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله] (١).
ثم أضاف سبحانه إلى الدرجات، مغفرة الذنوب والزلات، وحلول الرحمة والبركات، فهو سبحانه لم يزل {غَفُورًا} لذنوب عباده المؤمنين، يصفح عنهم ما يقلقهم من الخطايا وركام التقصير، {رَحِيمًا} يتفضل عليهم بنعمه، مع ما كان منهم من خلاف أمره ونهيه، ووقوعهم وركوبهم معاصيه.
في هذه الآيات: تَحْذيرٌ من التهاون في الدين بحجة الظروف وتحكّم الطغاة وكثرة الفساد، فإن أرض الله واسعة والهجرة ممكنة إلى حيث الأمن على الدين والإيمان، فمن اختار التهاون والمذلة في الدين فإن سوء المصير ينتظره ويتوعده، ولا استثناء في ذلك إلا للمستضعفين من الرجال الشيوخ أو النساء والولدان لا حيلة لهم، فأولئك عسى أن يصفح الله عنهم. ثم إن في الهجرة خيرًا كثيرًا وأجرًا كبيرًا وَكان الله غفورًا رحيمًا.
أخرج البخاري في صحيحه عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود قال: [قُطِعَ على أهلَ المدينة بَعْثٌ، فاكتتبتُ فيه، فلقيتُ عكرمة مولى ابن عباس فأخبَرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثِّرون سوادهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يأتي السهمُ يُرْمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٨٨٤)، والنسائي (٦/ ١٩)، وأحمد (٣/ ١٤)، وغيرهم.