للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}. أي ذو صفح سبحانه عن ذنوب عباده، وذو مغفرة وستر لذنوبهم بعفوه عنها.

أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: [بَيْنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي العِشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده، ثم قال قبل أن يسجد: اللهم أنج عيَّاش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مُضَر، اللهم اجعلها عليهم سنين كَسِني يوسف] (١).

وأخرج عبد الرزاق في "التفسير" بسند صحيح عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس يقول: (كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان) (٢).

وذكر البخاري في صحيحه عن ابن أبي مُليكة عن ابن عباس: "إلا المستضعفين" قال: (كانت أمي ممن عذر الله عز وجل) (٣).

وقوله: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}.

قال ابن عباس: (المُراغَم التحول من أرض إلى أرض). وقال مجاهد: ("مراغمًا كثيرًا": يعني مُتَزحزحًا عما يكره). وقال سفيان بن عيينة: ("مراغمًا كثيرًا": يعني بروجًا).

وقال ابن جرير: ("مراغمًا كثيرًا": وهو المضطرب في البلاد والمذهب).

وقال ابن كثير: (والظاهر -والله أعلم - أنه الممتَنَعُ الذي يُتحصَّن به، ويُراغَمُ به الأعداء).

والمقصود ترغيب المؤمن بمفارقة دار الكفر والفساد وحياة المشركين، إلى دار الإيمان وأخوة الإسلام، فإنه حيثما اتجه المؤمن يجد بإذن الله مندوحة وملجأ يتحصن فيه ويفرّ بدينه. والمُراغَمُ في كلام العرب المذهَبُ والمَهْرب.

وقوله: {وَسَعَةً}. قال ابن عباس: (السعة في الرزق). وقال قتادة: (إي والله، من الضلالة إلى الهدى، ومن العَيْلة إلى الغنى).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٥٩٨)، ومسلم (٦٧٥) ح (٢٩٥)، وأخرجه أبو داود (١٤٤٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (٦٣٢)، وأورده الحافظ ابن كثير في التفسير.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٥٩٧) من حديث ابن أبي مُليكة عن ابن عباس، وكذلك أخرجه من وجه آخر (١٣٥٧)، (٤٥٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>