للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}. ضمان من الله سبحانه بكامل الأجر ووافي الثواب لمن خرج من منزله بنية الهجرة فمات أثناء الطريق، أي فله أجر من هاجر دون نقصان.

أخرج ابن جرير بسند صحيح عن ابن عباس قال: [نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}، فكان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر، وكان مريضًا فقال لأهله: أخرجوني من مكة فإني أجد الحر، فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو المدينة، فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى آخر الآية] (١).

ورواه أبو يعلى وفيها: (فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -).

وقد جاءت السنة الصحيحة بهذا المعنى في تمام أجر من خرج مهاجرًا إلى الله ومات في الطريق:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن والمسانيد عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه] (٢).

الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يُخْرِجُهُ إلا إيمانٌ بي وتصديق بِرُسلي أن أرْجِعَهُ بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخِلَه الجنة، ولولا أن أشقَّ على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولودِدْتُ أني أُقتل في سبيل الله، ثم أُحيا، ثم أُقتل، ثم أُحيا ثم أقتل] (٣).

الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [كان في بني إسرائيل رجلٌ قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبًا فسأله فقال له: توبة؟ قال: لا، فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قريةَ كذا وكذا، فأدْركه الموت فناءَ بصدْرِه نحوَها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة


(١) حديث صحيح. أخرجه ابن جرير في "التفسير" (١٠٢٩٩) ورجاله ثقات، كما قال الهيثمي، وانظر: الصحيح المسند من أسباب النزول - سورة النساء، آية (١٠٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧)، وأحمد (١/ ٤٣)، وأبو داود (٢٢٠١) والترمذي (١٦٤٧) والنسائي (٧/ ١٣)، وابن ماجة (٤٢٢٧)، وغيرهم.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٦)، كتاب الإيمان، وانظر كذلك (٧٤٥٧)، كتاب التوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>