للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه عن البراء قال: [جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالةِ} فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تجزئك آيةُ الصيف"] (١).

وذكر ابن جرير بسنده عن قتادة قال: (وذُكِرَ لنا أنّ أبا بكر الصديق قال في خطبته: ألا إن الآية التي نزلت في أول سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد، والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والإخوة من الأم، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أُولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، مما جَرَّت الرحم من العَصَبَة).

وقوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ}. أي: مات. قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}.

وقوله: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}. قال الحافظ ابن كثير: (تمسَّكَ به من ذهب إلى أنه ليس من شرط الكلالة انتفاء الولد، بل يكفي في وجود الكلالة انتفاء الوالد. وهو رواية عن عمر بن الخطاب، رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه. ولكن الذي يُرْجَعُ إليه هو قول الجمهور وقضاء الصديق أنه الذي لا ولد له ولا والد، ويدلّ على ذلك قوله: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} ولو كان معها أب لم ترث شيئًا، لأنه يحجبها بالإجماع، فدلَّ على أنه من لا ولد له بنصِّ القرآن، ولا والد بالنص عند التأمل أيضًا، لأن الأُخت لا يُفرض لها النصف مع الوالد بل ليس لها ميراث بالكلية).

وقوله: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}.

أخرج البخاري عن هُزيل بن شُرَحبيل قال: [سئل أبو موسى الأشعري عن ابنةٍ، وابنة ابن، وأخحط. فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف، وائْتِ ابن مسعود فَسَيُتابِعُني. فَسُئِل ابن مسعود - وأُخْبِرَ بقول أبي موسى - فقال: لقد ضَلَلْتُ إذن وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم -: للابنة النصف، ولابنة الابن السُّدُسُ تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحَبْرْ فيكم] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي وأبو داود. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٤٣٦) -كتاب التفسير- سورة النساء، آية (٧٦)، وأصله في صحيح مسلم من حديث عمر كما تقدم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٧٣٦)، (٦٧٤٢)، وأبو داود (٢٨٩٠)، وأحمد (١/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>