للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثقل ابن جرير عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا يقولان في الميت ترك بنتًا وأختًا: إنه لا شيء للأخت، لقوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} قال: (فإذا ترك بنتًا فقد ترك ولدًا فلا شيء للأخت). قال ابن كثير: (وخالفهما الجمهور فقالوا في هذه المسألة: للبنت النصف بالفَرْض، وللأخت النصف الآخر بالتعصيب، بدليل غير هذه الآية، وهذه الآية نَصَّت أن يُفْرْض لها في هذه الصورة. وأما وراثَتُها بالتعصيب فلما رواه البخاري من طريق سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود قال: [قضَى فينا مُعاذ بن جَبَل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: النصف للبنت، والنصف للأخت] (١)).

وقوله: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}.

المعنى: إذا ماتت كلالة فإن الأخ يرث كل مالها، وذلك حالة ليس لها ولد، أي: ولا والد. فإذ الأخ لا يرث مع وجود الوالد.

قال ابن كثير: (فإن فرض أن معه من له فَرْضٌ صُرِفَ إليه فرضُه، كزوج أو أخ من أم، وصُرِف الباقي إلى الأخ. لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [أَلحِقُوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأَوْلى رجل ذكر] (٢)).

وقوله: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}.

أي: إن ترك الميت كلالة أختين فلهما الثلثان، وما زاد على الأختين فهو في حكمهما. ويشبه ذلك حكم البنتين فأكثر، كما قال تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}.

وقوله: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

أي: إن كان المتروكون من إخوته رجالًا ونساءً فيخصص للذكر منهم مثل نصيب اثنتين من أخواته. قال ابن جرير: (وذلك إذا ورث كلالةً، والإخوة والأخوات إخوته وأخواته لأبيه وأمه، أو: لأبيه).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٧٤١)، وانظر تفسير ابن كثير، سورة النساء، آية (١٧٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٧٣٢)، ومسلم (١٦١٥)، وأحمد (١/ ٢٩٢)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>