وكذلك أبو داود والحاكم عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ذكاة الجنين ذكاةُ أمه] (١).
وقوله: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}.
قال ابن عباس: (يعني بذلك: الميتةَ، والدمَ، ولحمَ الخنزير).
وقال قتادة: (يعني بذلك: الميتة، وما لم يذكر اسم الله عليه).
قال ابن كثير: (والظاهر -والله أعلم- أن المراد بذلك قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}، فإن هذه وإن كانت من الأنعام إلا أنها تحرم بهذه العوارض، ولهذا قال: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} يعني: منها، فإنه حرام لا يمكن استدراكه، وتلاحقُه. ولهذا قال تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}، أي: إلا ما سَيُتْلى عليكم من تحريم بعضها في بعض الأحوال).
وقوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}.
قال القرطبي: (أي ما كان صيدًا فهو حلال في الإحلال دون الإحرام، وما لم يكن صيدًا فهو حلال في الحالين). والإحرام يشمل الحج والعمرة.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}.
أي له الحكم يشرع لعباده ما يشاء، كما يشاء. وهذا كقوله تعالى في سورة الرعد: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}.
وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ}.
أي لا تتعدوا حدود الله - والخطاب للمؤمنين - والشعائر جمع شعيرة. قال ابن عباس: (يعني بذلك: مناسك الحج). وقال مجاهد: (الصفا، والمروة، والهدي، والبدنُ من شعائر الله).
قلت: ويبدو أن الآية تعم أكثر من ذلك. كما قال عطاء: (شعائر الله جميع ما أمر الله به ونهى عنه). وقال الحسن: (دين الله كله). فالمراد تعظيم حرمات الله والتحذير من انتهاكها، كما قال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)}.
(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٨٢٨)، وأحمد. انظر صحيح أبي داود (٢٤٥٢). ورواه الحاكم عن أبي أيوب وعن أبي هريرة. انظر صحيح الجامع (٣٤٢٥)، والحديث السابق.