وله شاهد عند الطبراني من حديث السائب بن يزيد بلفظ:[فضلت على الأنبياء بخمس: بعثت إلى الناس كافة، وادّخرت شفاعتي لأمتي، وبُصرْتُ بالرعْب شهرًا أمامي، وشهرًا خلفي، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطَهورًا، وأُحِلّتْ لي الغَنائم، ولم تَحِلَّ لأحدٍ قبلي](١).
هذا استفهام فيه توبيخ وتقريع. والتقدير: إن تردى قومك إلى هذا السقوط بإشراك مخلوقات من الأوثان والأصنام والطواغيت مع الله في العبادة، فترفع أنت بلا إله إلا الله، وقل: فأنا لا أشهد معكم. كما قال له تعالى في آية الأنعام:{فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ}.
قال قتادة:(يعرفون أن الإسلام دين الله، وأن محمدًا رسول الله، يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل). وقال:(النصارى واليهود، يعرفون رسول الله في كتابهم، كما يعرفون أبناءهم).
أي خسروا أنفسهم كل الخسارة، وأوردوها مواقع الهلاك والعطب، عندما أنكروا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- التي يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم، ظلمًا وبغيًا وعلوًا.
أي: من أشدّ اعتداء وبغيًا ممن تقَوَّل على الله، فزعم أنه مرسل من الله ولم يكن كذلك، ثم من أظلم ممن جَحَدَ بآيات الله بعد ظهور حججه وبراهينه ودلالاته الواضحات القاطعات، لا شك أنه لا أظلم ممن سلك سبيل هذا النكران والجحود، ومن ثم فإنه لا يفلح هذا ولا ذاك، فإن الله سبحانه يكشف المنافق ويفضح المكذب:{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.
(١) حديث صحيح. أخرجه الطبراني عن السائب، وقريب منه أخرجه البيهقي عن أبي أمامة. انظر صحيح الجامع الصغير- حديث رقم (٤٠٩٧)، (٤٠٩٦)، (٤٠٩٨)، والإرواء (٢٨٣).