للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن الله يدني المؤمن فيضَعُ عليه كنَفَهُ (١) ويستُرُه فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي ربِّ، حتى قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)}] (٢).

٢٢ - ٢٦. قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦)}.

في هذه الآيات: يخبر جل ثناؤه عن هؤلاء المفترين على الله الكذب الجاحدين آياته ونبوة رسوله، أن لا فلاح لكم بهذه البضاعة في الدنيا ولا في الآخرة، فتجارتكم خاسرة، فكيف إذا ناداكم يوم الحشر أين شركاؤكم الذين زعمتم أنهم آلهة لكم من دون الله، ثم لكن يكن جوابهم إلا كذبًا منهم في أيمانهم: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}. فانظر يا محمد كيف استخدم هؤلاء الأخلاق الفاسدة التي كانوا يتخلقون بها في الدنيا -من الكذب والفرية- في أرض المحشر. ومنهم يا محمد من يستمع القرآن منك، وما تدعوه إليه من توحيد ربك، وأمره ونهيه، ولكنه لا يفقه ما تقول، ولا يوعيه قلبه، ولا يتدبره عقله، ولا يصغي له سمعه، فالقلوب مقفلة، والاذان غشيها الصمم، فلا يفهمون أي آية، بل يتهمون الحجج الدامغة أنها أساطير الأولين، وهم بذلك ينهون الناس عن اتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويتباعدون عنه، وما يهلكون بصدهم عن سبيل الله ورسوله إلا أنفسهم وما يشعرون.


(١) أي: حفظه وستره.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٤١)، وأخرجه مسلم (٢٧٦٨)، وأخرجه أحمد (٢/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>