بقاءٍ، أو زيادة أو نقصان أو غير ذلك، نالني به, لأنه القادر على ذلك. {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} يقول: وعلم ربي كلَّ شيء، فلا يخفى عليه شيء، لأنه خالق كل شيء، ليس كالآلهة التي لا تضر ولا تنفع ولا تفهم شيئًا، وإنما هي خشبة منحوتة، وصورة ممثلة، {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} يقول: أفلا تعتبرون، أيها الجهلة، فتعقلوا خطأ ما أنتم عليه مقيمون، من عبادتكم صورة مصوّرة وخشبة منحوتة، لا تقدر على ضر ولا على نفع، ولا تفقه شيئًا ولا تعقله، وترككم عبادة من خلقكم وخلق كل شيء، وبيده الخير، وله القدرة على كل شيء، والعالم بكل شيء).
وقوله: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}.
قال محمد بن إسحاق: (يقول: كيف أخاف وثنًا تعبدون من دون الله لا يضر ولا ينفع، ولا تخافون أنتم الذي يضر وينفع، وقد جعلتم معه شركاء لا تضر ولا تنفع).
وقوله: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
قال ابن جريج: (أمَنْ يعبد ربًّا واحدًا، أم من يعبد أربابًا كثيرة؟ ).
قال محمد بن إسحاق: (يضرب لهم الأمثال، ويصرِّف لهم العبر، ليعلموا أن الله هو أحق أن يخاف ويعبد مما يعبدون من دونه).
قال مجاهد: (قول إبراهيم حين سألهم: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ}، هي حجة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -).
وقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}.
قال محمد بن إسحاق: (أي: الذين أخلصوا كإخلاص إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لعبادة الله وتوحيده, {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي: بشرك، {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، الأمن من العذاب، والهدى في الحجة بالمعرفة والاستقامة).
وقال ابن زيد: ({الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، قال بِشرك. قال: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}. فأما الذنوب فليس يبرأ منها أحد).
أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله قال: [لمَّا نَزَلَتْ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ