للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِظُلْمٍ}، قال أصحابه: وأيّنا لم يظلم نفسه؟ فنزلت: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}] (١).

وأخرج الإمام مُسلم في صحيحه عن عَلْقَمَةَ، عن عبد الله قال: [لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شقَّ ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: أيّنا لا يظلمُ نَفْسَهُ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس هو كما تَظُنُّون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]] (٢).

وفيِ لفظ أحمد: [إنه ليسَ الذي تعنُون! ألم تسمعوا ما قال العبدُ الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، إنما هو الشرك].

وقوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}.

قال مجاهد: (قال إبراهيم حين سأل: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ}؟ قال: هي حجة إبراهيم، وقوله: {آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}، يقول: لقناها إبراهيم وبصَّرناه إياها وعرَّفناه).

وقرأ قراء الكوفة: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}، في حين قرأها قراء الحجاز والبصرة: {نرفع درجاتِ مَنْ نشاء}. وهما قراءتان مشهورتان متقارب معناهما. قال ابن جرير: (وذلك لأن من رفعت درجته، فقد رفع في الدرج، ومن رفع في الدرج، فقد رفعت درجته. قال: فمعنى الكلام إذن: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}، فرفعنا بها درجته عليهم، وشرّفناه بها عليهم في الدنيا والآخرة. فأما في الدنيا فآتيناه فيها أجره، وأما في الآخرة، فهو من الصالحين، {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}، أي: بما فعل من ذلك وغيره).

وفي الصحيحين عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [يا أيها الناس! إنكم تحشرون


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٢)، (٤٦٢٩). وأخرجه مسلم (١٢٤)، وأحمد (١/ ٣٨٧)، وغيرهم. من حديث عبد الله رضي الله عنه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٢٤) - كتاب الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، ورواه ان حبان في صحيحه (٢٥٣)، وأخرجه ابن مندة (٢٦٨)، وغيرهم. وانظر للفظ التالي مسند أحمد (١/ ٣٧٨) بإسناد على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>