للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}.

أي: لا أطلب منكم على القرآن جُعْلًا ولا أجرة ولا مالًا، بل هو موعظة للخلق، فمن شاء استفاد من هذه الذكرى واتعظ وتهيأ ليوم المعاد، ودافع الكفر بالصدق واليقين والإيمان.

٩١ - ٩٢. قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩٢)}.

في هذه الآيات: يقول جلت عظمته: وما عظموا الله حق تعظيمه، وما أَجَلُّوه حق إجلاله، حين قالوا ما أنزل الله على آدمي كتابًا ولا وحيًا! فقل يا محمد - لمشركي قومك -: من أنزل التوراة جلاءً وضياء وبيانًا للناس يجعلها حملتُها قراطيس - أي: قِطعًا - يكتبونها من الكتاب الأصلي الذي بأيديهم ويحرِّفون فيها ويبدلون ويغيرون ويقولون كذبًا هذا من عند الله، ثم قل لهم يا محمد: ومَنْ أنزل القرآن الذي علَّمكم الله فيه خبر الأمم التي سبقتكم، وأنبأكم فيه ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم؟ ! قل الله أنزله بعلمه ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يتخبطون ويلعبون. وهذا القرآن كتاب مبارك أنزله الله سبحانه وختم به الكتب من عنده مصدقًا لما قبله ولتنذر به مكة وما حولها من أحياء العرب وسائر طوائف بني آدم من عرب وعجم، وكل من آمن بالله واليوم الآخر يؤمن بهذا الكتاب ويحافظ على الصلاة وسائر الفرائض من شعائر هذا الدين.

فقوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}.

قال ابن عباس: (ما آمنوا أنه على كل شيء قدير). وقال الحسن: (ما عظموه حق عظمته).

قال القرطبي: (وشرحُ هذا أنهم لما قالوا: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} نسبوا الله عز وجل إلى أنه لا يقيم الحجة على عباده، ولا يأمرهم بما لهم فيه الصلاح، فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>