للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ. . .} [الأنعام: ١٩]. وقال تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا. . .} [الأعراف: ١٥٨]. وقال جل ذكره: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: ١].

وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أعطيت خَمْسًا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبلي: نُصِرْتُ - بالرعب مسيرةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لي الأرض مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجل من أمَّتِي أدركتْهُ الصلاةُ فليصلِّ، وأُحِلَّت لي الغنائم ولم تَحِلَّ لأحدٍ قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبْعَثُ إلى قومه خاصّةً وبُعثت إلى الناس عامة] (١).

وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}.

المعنى: إن كل مَنْ صَدّق بالآخرة خاف الوعيد الذي سينزل بمن كذب بهذا القرآن وهذا النبي - عليه الصلاة السلام - فيحمله هذا الخوف - ولا بد - على الإيمان واليقين، والمحافظة على الصلاة عمود هذا الدين. قال النسفي: (خصت الصلاة بالذكر لأنها علم الإيمان وعماد الدين فمن حافظ عليها يحافظ على أخواتها ظاهرًا).

وقال القاسمي: (وتخصيصها لكونها أشرف العبادات بعد الإيمان، وأعظمها خطرًا).

وقال الرازي: (ألا ترى أنه لم يقع اسم الإيمان على شيء من العبادات الظاهرة إلا على الصلاة، كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)} [البقرة]. أي: صلاتكم. ولم يقع اسم الكفر على شيء من المعاصي إلا على ترك الصلاة. قال عليه الصلاة والسلام: من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر (٢). فلما اختصت الصلاة بهذا النوع من التشريف، لا جرم خصها الله بالذكر في هذا المقام).

أخرج ابن أبي حاتم عن مسروق، قال في هذه الآية: {وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}: أأي: يحافظون على مواقيتها).

ولا شك أن المحافظة عليها تشمل أيضًا المحافظة على أركانها وواجباتها ووضوئها وركوعها وسجودها وخشوعها، فهي عنوان التزام العبد بهذا الدين وَعَلَمُهُ وعمودُه.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٣٥) كتاب التيمم، وكذلك (٤٣٨)، (٣١٢٢)، ورواه مسلم.
(٢) روى مسلم في صحيحه عن جابر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [بين المسلم وبين الكفر ترك الصلاة]. انظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم - (٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>